(فَتَنادَوْا) نادى بعضهم بعضا (مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا) فمضوا إليها (وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) يتشاورون يقول بعضهم لبعض : (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ).
قال ابن عباس : على قدرة قادرين في أنفسهم. وقال أبو العالية والحسن : على جد وجهد. وللنخعي والقرطبي ومجاهد وعكرمة : على أمر مجتمع قد أسّسوه بينهم. وروى معمر عن الحسن قال : على فاقة ، وقيل : على قوّة ، وقال السدي : الحرد : اسم الجنّة. وقال سفيان : على حنق وغضب ، ومنه قول الأشهب بن رملة :
أسود شرى لاقت أسود خفية |
|
تساقوا على حرد دماء الأساود (١) |
وفيه لغتان حرّد وحرد ، مثل الدّرك والدرك ، وقال أبو عبيدة والقتيبي : على منع والحرد ، والمحاردة : المنع ، تقول العرب : حاردت السنة ، إذا لم يكن فيها مطر ، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن.
قال الشاعر :
فإذا ما حاردت أو بكأت |
|
فت عن حاجب أخرى طينها (٢) |
وقيل : على قصد ، قال الراجز :
وجاء سيل كان من أمر الله |
|
يحرد حرد الجنّة المغلة (٣) |
وقال آخر :
إمّا إذا حردت حردي فمجرية |
|
ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب (٤) |
(فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) لمخطئوا الطريق فليس هذه بجنتنا. فقال بعضهم : (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) حرمنا خيرها ونفعها لمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء (قالَ أَوْسَطُهُمْ) أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم ، (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) هلّا تستثنون ، قال أبو صالح : استثناءهم : سبحان الله. وقيل : هلا تسبحون الله وتقولون : سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم. وقيل : هلّا تستغفرونه من فعلكم.
(قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا) ننزهه على أن يكون ظالما ، وأقرّوا على أنفسهم بالظلم فقالوا : (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) في منعنا حقّ الفقراء وتركنا الاستثناء ، وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها.
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ٤٠.
(٢) لسان العرب : ١٣ / ٥١ وفيه : فك عن ، جامع البيان للطبري : ٢٩ / ٤٠.
(٣) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ٤١.
(٤) الصحاح : ٦ / ٢٣٠١.