أتوعدني كأنك ذو رعين |
|
بأنعم عيشه أو ذو نواس (١) |
وكائن كان قبلك من نعيم |
|
وملك ثابت في الناس راس |
قديم عهده من عهده عاد |
|
عظيم قاهر الجبروت قاس |
أزال الدّهر ملكهم فأضحى |
|
ينقّل في أناس من أناس |
قال الكلبي : وذو نواس هو الذي قتل عبد الله بن التامر وقد مضت القصّة في الحديث المرفوع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومما يزيده وضوحا ما روى عطاء عن ابن عباس إنّه قال : كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شراحبيل بن شراحيل في الفترة قبل مولد النبي صلىاللهعليهوسلم بتسعين سنة.
عبد الله بن يوسف قال : حدّثنا عمر بن محمد بن بحير قال : حدّثنا عبد الحميد بن حميد الكشي ، عن الحسن بن موسى قال : حدّثنا يعقوب بن عبد الله القمي قال : حدّثنا جعفر بن أبي المغيرة عن ابن [ابزي] قال : لما هزم المسلمون أهل أسفندهان انصرفوا فجاءهم ـ يعني عمر ـ فاجتمعوا ، فقالوا : أي شيء تجري على المجوس من الأحكام فأنهم ليسوا بأهل كتاب وليسوا من مشركي العرب ، فقال : علي بن أبي طالب : بل هم أهل الكتاب وكانوا متمسكين بكتابهم وكانت الخمر قد أحلّت لهم فتناولها ملك من ملوكهم فغلبته على عقله فتناول أخته فوقع عليها فلما ذهب عنه السكر ندم وقال لها : ويحك ما هذا الذي أتيت وما المخرج منه؟.
قالت : المخرج منه أن تخطب الناس ، فتقول : يا أيّها الناس إنّ الله أحل نكاح الأخوات فإذا ذهب [هذا] (٢) في الناس وتناسوه خطبتهم فحرمته ، فقام خطيبا ، فقال : يا أيّها الناس إنّ الله أحلّ نكاح الأخوات فقال الناس جماعتهم : معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقرّ به ما جاءنا به نبي ولا أنزل علينا في كتاب فرجع إلى صاحبته فقال : ويحك إنّ الناس قد أبوا عليّ قالت : إذا أبّوا عليك فأبسط فيهم السوط قال : فبسط فيهم السوط ، فأبى الناس أن يقرّوا فرجع إليها فقال : قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقرّوا قالت : فجرّد فيهم السيف ، قال : فجرّد فيهم السيف فأبوا أن يقرّوا ، وقال لها : ويحك إنّ الناس قد أبوا أن يقرّوا ، قالت : خدّ لهم أخدودا ثم أوقد فيها النيران ثم اعرض عليها أهل مملكتك فمن تابعك فخلّ عنه ومن أبى فأقذفه في النار ، فخدّ لهم أخدودا فأوقد فيها النيران وعرض أهل مملكته على ذلك فمن أبى قذف في النار ومن أجاب خلّى سبيله ، فأنزل سبحانه فيهم : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) إلى قوله :(عَذابُ الْحَرِيقِ) (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٩٢.
(٢) في المخطوط : ذا.
(٣) تفسير الطبري بتفاوت بسيط : ٣٠ / ١٦٦.