وقال الضحاك : (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) من بني إسرائيل أخذوا رجالا ونساء فخدّ لهم أخدودا ثم أوقد فيها النيران فأقاموا المؤمنين عليها ، فقال تكفرون أو نقذفكم في النار ، ويزعمون أنه دانيال وأصحابه ، وهذه رواية العوفي عن ابن عباس.
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن يوسف ، قال : حدّثنا عمر بن محمد بن بحير ، قال : حدّثنا عبد بن حميد ، عن يونس ، عن شيبان عن قتادة في قوله سبحانه : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) قال : حدّثنا أنّ علي بن أبي طالب كان يقول : هم أناس كانوا بمدراع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفارهم فظهر مؤمنوهم على كفارهم ثم اقتتلوا الثانية فظهر مؤمنوهم على كفارهم ثم أخذ بعضهم على بعض عهودا ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعض ، فغدر بهم كفارهم فأخذوهم ثمّ أنّ رجلا من المؤمنين قال لهم : هل لكم إلى [خير] توقدون نارا ثم تعرضوننا عليه ، فمن تابعكم على دينكم فذلك الذي تشتهون ومن لا اقتحم النار فاسترحتم منه قال : فأججوا نارا وعرضوهم عليها فجعلوا يقتحمونها حتى بقيت عجوز فكأنها تلكأت ، فقال لها طفل في حجرها : أمضي ولا تنافقي (١) فقص الله عليهم نبأهم وحديثهم (٢).
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو محمد المزني قال : حدّثنا مطين قال : حدّثنا عثمان قال : حدّثنا معاوية بن هشام ، عن شريك عن جابر عن أبي طفيل ، عن علي قال : كان (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) نبيهم حبشي ، قال علي : بعث نبي من الحبشة إلى قومه ، ثم قرأ عليّ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (٣) ، فدعاهم النبي فتابعه أناس فقاتلهم فقتل أصحابه وأخذ فأوثق فأفلت منهم ، فخدّ أخدودا فملأها نارا فمن تبع النبي رمي فيها ومن تابعهم تركوه فجاءوا بامرأة معها صبي رضيع فجزعت فقال : يا أماه مرّي ولا تنافقي (٤).
وبه عن مطين قال : حدّثنا أبو موسى وقال : وكان في بلاده غلام يقال له عبد الله بن تامر وكان أبوه سلّمه إلى معلم يعلّمه السحر فكره الغلام ذلك ولم يجد بدّا من طاعة أبيه فجعل يختلف إلى المعلم ، وكان في طريقه راهب حسن القراءة حسن الصوت فأعجبه ذلك وكان يأتي المعلم آخر الغلمان ويضربه المعلم ويقول : من الذي حبسك وإذا انقلب إلى أبيه دخل على الراهب فضربه أبوه ويقول : لما أبطأت ، فشكى الغلام ذلك إلى الراهب فقال له الراهب : إذا أتيت المعلم فقل حبسني أبي وإذا أتيت أباك فقل : حبسني المعلم ، وكان في تلك البلاد حيّة
__________________
(١) في المصدر : ولا تقاعسي.
(٢) تفسير الدر المنثور : ٦ / ٣٣٢ ، وتفسير القرطبي : ١٩ / ٢٨٩.
(٣) سورة غافر : ٧٨.
(٤) المصدر السابق وفيه : امضي ولا تجرعي.