، فلمّا أتى على هذه الآية (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) وقع عليه البكاء فلم يقدر أن [يتعدّاها] من البكاء ، وقرأ سورة أخرى (١).
(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) قال أهل المعاني : أراد الشقي والتقي ، كقول طرفة :
تمنى رجال أن أموت ، فإن أمت |
|
فتلك سبيل لست فيها بأوحد (٢) |
أي بواحد.
أخبرني الحسين قال : حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال : حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقري قال : حدّثنا جدّي قال : حدّثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن سالم.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن يوسف قال : حدّثنا ابن عمران قال : حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال : حدّثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنّ أبا بكر رضياللهعنه أعتق من كان يعذّب في الله : بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمّل.
فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار ، فلمّا أسلمت عميت ، فقالوا : أعمتها اللات والعزى.
فقالت : هي تكفر باللات والعزى ، فردّ الله إليها بصرها ، ومرّ أبو بكر بها وهي تطحن وسيّدتها تقول : والله لا أعتقك حتى يعتقك صباتك ، فقال أبو بكر فحلى إذا يا أم فلان فبكم هي إذا؟ قالت : بكذا وكذا أوقية ، قال : قد أخذتها ، قومي ، قالت : حتى أفرغ من طحني.
وأما بلال فاشتراه ، وهو مدفون بالحجارة ، فقالوا : لو أبيت إلّا أوقية واحدة لبعناك ، فقال أبو بكر : لو أبيتم إلّا مائة أوقية لأخذته ، وفيه نزلت يعني أبا بكر ، (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) إلى آخرها ، وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها كلّها ، يعني أبا بكر.
وأنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال : حدّثنا سفيان ، عن عتبة قال : حدّثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ، قال : [إنما أريد ما أريد] (٣) فنزلت فيه (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) إلى آخر السورة (٤) ، وكان اسمه عبد الله بن عثمان.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٨٧ مورد الآية.
(٢) تاج العروس : ٢ / ٥٢٧ ، ونسبه إلى الإمام الشافعي. وكذا فعل ابن كثير في تفسيره : ٣ / ١٨٧.
(٣) عن تفسير القرطبي : ٢٠ / ٨٣ وفي المخطوط تشويش.
(٤) الآحاد والمثاني : ١ / ٢٠٣ ، وأسباب النزول للواحدي : ٣٠١ وفيه : ما منع ظهري أريد.