عن عطاء ، عن ابن عباس ، في هذه الآية أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها ، وكان المشركون وكلوا امراة تحفظ الأصنام ، فأخبرتهم المرأة ، وكان بلال عبدا لعبد الله ابن جدعان ، فشكوا إليه ، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم ، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء ، وهو يقول : أحدا أحد ، فمرّ به النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ينجيك أحد أحد ، ثم أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا بكر أن بلالا يعذّب في الله ، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به (١).
وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعه؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس ، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي ، وكان مشركا [وحمله] أبو بكر على الإسلام على أن يكون [له] ماله ، فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلمّا قال له أمية : أتبيعه بغلامك نسطاس؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به ، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلّا ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله سبحانه (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ) من أولئك الذين أعتقهم (مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) يد نكافئه عليها (إِلَّا) لكن (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى) بثواب الله في العقبى عوضا مما فعل في الدنيا.
وأخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري العروضي في درب الحاجب قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد قال : حدّثنا أحمد بن نصر بن خفيف القلانسي الرقّاء قال : حدّثنا محمد بن جعفر بن سوّار بن سنان في سنة خمس وثمانين ومائتين قال : حدّثنا علي ابن حجر ، عن إسحاق بن نجح ، عن عطاء قال : كان لرجل من الأنصار نخلة ، وكان له جار ، فكان يسقط من بلحها في دار جاره ، فكان صبيانه يتناولون ، فشكا ذلك الى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له النبي عليهالسلام «بعنيها بنخلة في الجنة» [١٥٩] ، فأبى قال : فخرج ، فلقيه أبو الدحداح ، فقال : هل لك أن تبيعها بجبس (٢)؟ يعني حائطا له ، فقال : هي لك ، قال : فأتى النبي عليهالسلام ، فقال : يا رسول الله اشترها منّي بنخلة في الجنة ، قال : نعم ، قال : هي لك ، فدعا النبي عليهالسلام جار الأنصاري ، فأخذها ، فأنزل الله سبحانه وتعالى (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) إلى قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة.
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أبو الدحداح (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) يعني الثواب (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) يعني الجنة.
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) يعني الأنصاري (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) يعني الثواب (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) يعني النار ، (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) يعني به إذا مات كما في قوله : (فَأَنْذَرْتُكُمْ
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ٣٠١.
(٢) في تفسير القرطبي : بحسن.