يعني الخيل.
قال مقاتل : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية إلى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر الأنصاري أحد النقباء فتأخر خبرهم ، وقال المنافقون : قتلوا جميعا فأخبره الله سبحانه عنها فقال : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) يعني تلك الخيول غدت حتى ضبحت، وهو صوت ليس بصهيل ولا حمحمة ، وقال الحكماء : هو تقلقل الجرذان في القنب. وقيل : هو صوت إرخاء مشافرها إذا عدت ، قال أبو الضحى : وكان ابن عباس يقول : ضباحها أج أج. وقال قوم : هي الإبل.
أنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدّثنا مروان بن معاوية قال : حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) قال : ما رأى فيه عكرمة؟ فقال عكرمة : قال ابن عباس : هي الخيل في القتال ، فقلت أنا : (قال علي : هي الإبل في الحجّ) ، وقلت : مولاي أعلم من مولاك.
وقال الشعبي تمارى علي ابن عباس في قوله : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) فقال ابن عباس : هي الخيل ، ألا تراه يقول : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) فهل تثير إلّا بحوافرها ، وهل تضبح الإبل؟ وإنما تضبح الخيل ، فقال علي : ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلّا فرس أبلق للمقداد بن الأسود.
وفي رواية أخرى وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي.
وأخبرني عقيل بن أبي الفرج ، أخبرهم عن أبي جرير قال : حدّثني يونس قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثنا أبو صخر عن أبي لهيعة البجلي عن سعيد بن حسين عن ابن عباس حدّثه قال : بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسأل عن (الْعادِياتِ ضَبْحاً) ، فقال له : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم ، فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم وسأله عن العاديات ضبحا فقال : «سألت عنها أحدا قبلي».
قال : نعم ، سألت عنها ابن عباس وقال : هي الخيل تغير في سبيل الله قال : «اذهب فادعه لي» ، فلمّا وقف على رأسه قال : «تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر ، وما كان معنا إلّا فرسان : فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف تكون العاديات الخيل ، بل العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى» [٢٣٦] (١).
قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي ، وإلى قول علي ذهب ابن مسعود ومحمد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٤٢٣.