وقال أبو بكر الورّاق : الكنود الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه. محمد بن علي الترمذي : هو الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم ، وقال أبو بكر الواسطي : هو الذي ينفق نعم الله سبحانه في معاصي الله ، وقال بسّام بن عبد الله : هو الذي يجادل ربّه على عقد العوض. ذو النّون : تفسير الهلوع والكنود قوله : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (١).
وقيل : هو الذي يكفر باليسير ولا يشكر الكثير ، وقيل : الحقود ، وقيل : الحسود. وقيل : جهول القدر. وفي الحكمة من جهل قدره هتك ستره. وقال بعضهم والحسن : رأسه على وسادة النعمة وقلبه في ميدان الغفلة. وقيل : يرى ما منه ولا يرى ما إليه ، وجمع الكنود كند. قال الأعشى :
أحدث لها [تحدث] لوصلك أنّها |
|
كند لوصل الزائر المعتاد (٢) |
(وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) قال أكثر المفسّرين : وإن الله على كنود هذا الإنسان وصنيعه لشاهد ، وقال ابن كيسان : ال (هاء) راجعة إلى الإنسان ، يعني أنّه شاهد على نفسه بما يصنع ، و (إِنَّهُ) يعني الإنسان (لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي المال.
وقال ابن زيد : سمّى الله المال خيرا وعسى أن يكون خبيثا وحراما ولكن الناس يعدّونه خيرا فسمّاه الله خيرا ؛ لأن الناس يسمّونه خيرا وسمي الجهاد سوءا فقال : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) (٣) أي قتال. وليس هو عند الله بسوء ولكن سمّاه الله سوءا ؛ لأنّ الناس يسمّونه سوءا.
ومعنى الآية وإنه من أجل حبّ المال (لَشَدِيدٌ) بخيل ، ويقال للبخيل : شديد ومتشدّد ، قال طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي |
|
عقيلة مال الفاحش المتشدّد (٤) |
والفاحش : البخيل أيضا قال الله سبحانه : (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) (٥) أي البخل ، وقيل : معناه : وإنّه لحب الخير لقويّ ، وقال الفرّاء : كان موضع الحب أن يكون بعد شديد وأن يضاف شديد إليه فيقال : وإنّه لشديد الحبّ للخير ، فلمّا يقدم الحبّ قبل شديد وحذف من آخره لمّا جرى ذكره في أوله ، ولرؤوس الآيات كقوله سبحانه : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (٦) والعصوف لا يكون
__________________
(١) سورة المعارج : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) تفسير الطبري : ٣٠ / ٣٥٣.
(٣) سورة آل عمران : ١٧٤.
(٤) لسان العرب : ٣ / ٢٣٤.
(٥) سورة البقرة : ٢٦٨.
(٦) سورة إبراهيم : ١٨.