ووسّطتهم بالتشديد ، وتوسطتهم كلّها بمعنى واحد ، وقرأ قتادة فوسّطن ، بالتشديد (جَمْعاً) أي جمع العدو وهم الكتيبة ، وقال القرظي : يعني جمع منى.
(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١))
(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع : لكفور جحود لنعم الله تعالى. قال الكلبي : هو بلسان كندة وحضرموت ، وبلسان معد كلهم : العاصي ، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة : الكفور ، وبلسان بني مالك البخيل.
وروى شعبة عن سماك أنه قال : إنما سميت كندة ؛ لأنها قطعت أباها.
وقال ابن سيرين : هو اللوّام لربه. وقال الحسن : هو الذي يعدّ المصائب وينسى النعم ، أخذه الشاعر فقال :
يا أيها الظالم في فعله |
|
والظلم مردود على من ظلم |
إلى متى أنت وحتى متى |
|
تشكو المصيبات وتنسى النّعم (١) |
وأخبرنا أبو القمر بن حبيب في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد الرازي قال : حدّثنا العباس بن حمزة قال : حدّثنا أحمد بن محمد قال : حدّثنا صالح بن محمد قال : حدّثنا سلمة عن جعفر بن الزبير عن القميّ عن أبي أمامة عن رسول الله عليهالسلام في هذه الآية : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) قال رسول الله عليهالسلام : «أتدرون ما الكنود؟» ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «الكنود [قال : هو الكفور الذي] يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده» [٢٣٧] (٢).
وقال عطاء : الكنود الذي لا يعطي في النائبة مع قومه. وقال أبو عبيدة : هو قليل الخير ، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئا (٣)! قال أبو ذبيان :
إن نفسي ولم أطب عنك نفسا |
|
غير أنّي أمنى بدهر كنود (٤) |
وقال الفضيل بن عياض : الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٦٠ مورد الآية.
(٢) تفسير الدر المنثور : ٦ / ٣٨٤ ، وكنز العمال : ٢ / ٤٨ ح ٣٠٦٤.
(٣) راجع تفسير الطبري : ٣٠ / ٣٥٣.
(٤) فتح القدير : ٥ / ٤٨٣ بتفاوت.