أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر ، وأبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحبريان قالا : أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد بن [سفيان] قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مسيّب قال : حدّثنا النضر بن شميل قال : أخبرنا شعبة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله عن النخير عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله عليهالسلام وهو يقرأ هذه الآية : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) قال : يقول ابن آدم : ما لي ما لي ، وهل لك إلّا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأمضيت.
وروى زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب قال : ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتى نزلت (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) إلى (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني في القبر.
(كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) وعيد لهم (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) والتكرير على التأكيد ، وقال الضحّاك : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني الكفّار ثمّ كلّا سوف يعلمون يعني المؤمنين ، وكذلك كان يقرأها : الأولى بالتاء والثانية بالياء ثم (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) أي علما يقينا فأضاف العلم إلى اليقين لقوله سبحانه : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) (١) قال قتادة : كنّا نحدّث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت.
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) يصلح أن يكون في معنى المضي جوابا لـ (لو) ، تقديره : لو تعلمون العلم اليقين لرأيتم الجحيم بقلوبكم ، ثم رأيتموها بالعين اليقين.
وقيل : معناه لو تعلمون علم اليقين لشغلكم عن التكاثر والتفاخر ، ثم استأنف (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) على نيّة القسم ، وإلى هذا ذهب مقاتل ، وقيل : معناه : لو علمتم يقينا أنكم ترون النار لشغلكم ذلك عما أنتم فيه.
وقيل : ذكر (كلّا) ثلاث مرّات أراد : تعلمون عند النزوع ، وتعلمون في القبر ، وتعلمون في القيامة ، ثم ذكر في الثالثة علم اليقين ؛ لأنّه صار عيانا ما كان مغيّبا.
وقراءة العامّة لَتُرَوُنَّ بضم التاء في الحرفين ، وضمّ الكسائي التاء في الأولى منهما وفتح الأخرى ، ورواه عن علي رضياللهعنه.
أخبرنا محمد بن عبدوس قال : حدّثنا محمد بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن الجهم قال : حدّثنا الفرّاء قال : أخبرني محمد بن الفضل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قرأ لَتُرَوُنَّ الْجَحِيمَ (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) بضم التاء الأولى وفتح الثانية ، وقال الفرّاء : الأول أشبه بكلام العرب ؛ لأنّه تغليظ فلا ينبغي أن يختلف لفظه.
__________________
(١) سورة الواقعة : ٩٥.