(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) قال ابن الثابت : تلوى يده اليسرى خلف ظهره ثمّ يعطى كتابه. وقيل : تنزع من صدره إلى خلف ظهره (فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ * يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) يقول : يا ليت الموتة التي متّها في الدنيا كانت القاضية الفارغة من كل ما بعدها ، فلم أبعث بعده ، والقاضية موت الأحياء بعدها. وقيل : معناه يا ليتني متّ فاسترحت. قال قتادة : تمنّى الموت ولم يكن عنده في الدنيا شيء أكره من الموت.
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) ذهبت عنّي حجّتي عن أكثر المفسّرين ، وقال ابن زيد : زال عنّي ملكي وقولي فيقول الله لخزنة جهنّم : (خُذُوهُ) ، ويروى أنّه يجتمع على شخص واحد من أهل النار مائة ألف من الزبانية ، فيقطع في أيديهم قال : فلا يرى على أيديهم منه إلّا الودك ، ثمّ يعاد خلقا جديدا.
(فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أدخلوه (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) فأدخلوه في ذراع الملك ، فيدخل دبره ويخرج من منخريه. وقيل : يدخل من فيه ويخرج من دبره.
روى سفيان عن بسر بن دعلوق عن نوف البكالي قال : كلّ ذراع سبعون باعا والباع أبعد ممّا بينك وبين مكّة ، وكان في رحبة الكوفة (١).
وقال سفيان الثوري : كلّ ذراع من سبعين ذراعا سبعون ذراعا وقال : بأي ذراع هو؟ ، وقال عبد الله بن عمرو ابن العاص : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أن رصاصة مثل هذه ـ وأشار إلى جمجمة ـ أرسلت من السماء إلى الأرض فهي مسيرة خمسمائة سنة بلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنّها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها» [٢٩] (٢).
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبش قال : حدّثنا ابن زنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن عليّ قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : حدّثنا بكار ابن عبد الله عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن كعب في قوله : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) قال : لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن علويه قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا المسيب قال : حدّثنا سويد بن يحيى قال : بلغني أن جميع أهل النار في تلك السلسلة ، ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرّها.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢٩ / ٧٨.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ١٩٧.