وأخبرنا محمد بن القاسم قال : حدّثنا محمد بن زيد المعدل قال : حدّثنا أبو يحيى البزاز قال : حدّثنا محمد بن منصور قال : حدّثنا محمد بن عمران بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حدّثني أبي عن مخالد عن الحجاج بن عبد الله عن أبي الجليل عن زر عن أبي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة (يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) فكأنما قرأ ربع القرآن ، وتباعدت عنه مردة الشياطين ، وبرئ من الشرك ويعافى من الفزع الأكبر» [٢٨٤] (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مروا صبيانكم فليقرءوها عند المنام فلا يعرض لهم شيء» [٢٨٥].
وقال ابن عباس : ليس في القرآن سورة أشد لغيظ إبليس من هذه السورة لأنها توحيد وبراءة من الشرك.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦))
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) الى آخر السورة نزلت في رهط من قريش منهم الحرث بن قيس السهمي والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأميّة بن خلف قالوا : يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك ونشركك في أمرنا كلّه تعبد آلهتنا سنة ونعبد الهك سنة فأن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وأن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فقال : «معاذ الله أن أشرك به غيره» [٢٨٦] (٢).
فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك فقال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربي فانزل الله سبحانه : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) الى آخر السورة فغدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السورة ، فيئسوا عنه عند ذلك وآذوه وآذوا أصحابه.
وأما وجه تكرار الكلام فأن معنى الآية (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) في الحال (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) في الحال (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) في الاستقبال (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) في الاستقبال وهذا خطاب لمن سبق في علم الله سبحانه أنهم لا يؤمنون ، وقال أكثر أهل المعاني : نزل القرآن بلسان العرب وعلى مجاري خطابهم ومن مذاهبهم التكرار إرادة التوكيد والإفهام ،
__________________
(١) تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٤٦٢.
(٢) أسباب نزول الآيات : ٣٠٧ ، تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٤٦٣.