عزوجل ولا أقرب عنده (١) من (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) فأن استطعت أن لا تدعها في صلاة فأفعل» [٣٢٠] (٢).
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب المزكى قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي قال : حدّثنا معاذ بن نجدة بن العريان قال : حدّثنا خلاد ـ يعني ابن يحيى ـ قال : حدّثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنزل علي الله سورتان لم أسمع لمثلهن ولم أرى مثلهن : المعوذتين» [٣٢١] (٣).
القصة : قال ابن عباس وعائشة رضى الله عنهما ـ دخل حديث بعضهما في بعض : كان غلام اليهود يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدبّت إليه اليهود فلم يزلوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلىاللهعليهوسلم وعدّة أسنان من مشطه فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له لبيد بن أعصم ثم دسّها في بئر لبني زريق يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانتثر شعر رأسه ، ولبث ست أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه ، فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهم عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما بال الرجل؟ قال : طب قال : وما طب؟ قال : سحر ، قال : ومن سحره؟ قال : لبيد ابن أعصم اليهودي ، قال : وبم طبّه؟ قال : بمشط ومشاطة قال : وأين هو؟ قال في [جفّ (٤) طلعة ذكر] تحت راعوفة في بئر ذروان (٥).
والجف : قشر الطلع ، والراعوفة : حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح ، فانتبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مذعورا وقال : «يا عائشة أما شعرت أن الله سبحانه أخبرني بدائي» [٣٢٢] (٦) ثم بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحنّاء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطة وإذا فيه وتر معقود فيه إثنا عشر عقدة مغروزة بالإبر فأنزل الله سبحانه هاتين السورتين فجعل كلّما يقرأ آية أنحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفّة حين أنحلت العقدة الأخيرة فقام كأنما أنشط من عقال ، وجعل جبرائيل عليهالسلام يقول : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين والله يشفيك ، قال : فقالوا : يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث فنقلته ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرا» [٣٢٣] (٧).
__________________
(١) في المصدر : ولا أبلغ.
(٢) المعجم الأوسط : ٦ / ١٤٩.
(٣) المعجم الكبير : ١٧ / ٣٥٠ ، وفيه : آيات بدل : سورتان.
(٤) الجفّ : غشاء على الطلع للأنثى وللذكر.
(٥) في تفسير القرطبي : أوران.
(٦) زاد المسير : ٨ / ٣٣٢ ، تفسير القرطبي : ٢٠ / ٢٥٣.
(٧) بطوله في تفسير ابن كثير عن الثعلبي : ٤ / ٦١٥ ، وصحيح مسلم : ٧ / ١٣.