قالت عائشة : ما غضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم غضبا ينتقم من أحد لنفسه قط إلّا أن يكون شيئا هو لله سبحانه ، فيغضب لله سبحانه وتعالى وينتقم.
(التفسير :)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) قال ابن عباس : هو سجن في جهنم ، وحدّثنا يعقوب عن هشيم قال : أخبرنا العوام عن عبد الجبار الجولاني قال : قدم رجل من أصحاب النبي عليهالسلام الشام فنظر الى دور أهل الذمة وما فيها من العيش والنضارة ، وما وسع عليهم في دنياهم فقال : لا أبالي ، أليس من ورائهم الفلق؟ قال : قيل : وما الفلق؟ قال : بيت إذا انفتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه (١).
وقال أبو عبد الرحمن الحبلي : الفلق هي جهنم ، وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد ابن جبير ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق : الصبح ، وإليه ذهب ابن عباس ، ودليل هذا التأويل قوله تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ).
الضحّاك والوالبي عن ابن عباس : معنى (الْفَلَقِ) : الخلق. وهب : هو باب في جهنم (٢).
الكلبي : هو واد في جهنم ، وقال عبد الله بن عمرو : شجرة في النار ، وقيل : الفلق الجبال والصخور تنفلق بالمياه أي تتشقق (٣) ، وقيل ، هو الرحم تنفلق عن الحيوان ، وقيل : الحبّ والنوى تنفلق عن التراب ، دليله قوله سبحانه وتعالى : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) والأصل فيه الشق.
وقال محمد بن علي الترمذي في هذه : كشف الله تعالى على قلوب خواص عباده فقذف النور فيها ، فانفلق الحجاب وانكشف الغطاء.
(مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ).
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أبو برزة أو أحد بني شريك البزار قال : حدّثنا آدم بن أبي أياس قال : حدّثنا ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن عائشة قالت : أخذ رسول الله عليهالسلام بيدي فأشار الى القمر فقال : «يا عائشة استعيذي بالله من شرّ هذا ؛ فإنّ هذا الغاسق (إِذا وَقَبَ)» [٣٢٤] (٤).
__________________
(١) تفسير الطبري : ٣٠ / ٤٥٥.
(٢) المصدر السابق : ٣٠ / ٤٥٧.
(٣) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٢٥٤.
(٤) تفسير الطبري : ٣٠ / ٤٥٩.