أخبرني وقيل : إنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثنا محمد بن منصور قال : حدّثنا أبو فطن قال : حدّثنا المسعودي عن الحكم قال : كان عبد الله بن حكيم لا يربط كيسه ويقول : سمعت الله سبحانه وتعالى يقول : (وَجَمَعَ فَأَوْعى).
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً).
أخبرنا عبد الخالق قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يزداد الرازي ، قال : حدّثنا أبو الحسن طاهر الخثعمي ، قال : حدّثنا إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : (هَلُوعاً) قال : الحريص على ما لا يحلّ له.
وروى عطية عنه قال : هو الذي قال الله سبحانه وتعالى : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) وقال سعيد بن جبير : شحيحا ، عكرمة : ضجورا ، الضحاك والحسن : بخيلا ، حصين : حريصا ، قتادة وابن زيد : حزونا ، مجاهد : شرها ، وعن الضحاك أيضا : الهلوع الذي لا يشبع ، مقاتل : ضيق القلب ، ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويرضيه ويهرب مما يكرهه (١) ويسخطه ثمّ تعبّده بإنفاق ما يحب ويلذ والصبر على ما يكره ، عطا : عجولا وقيل : جهولا ، سهل : متقلّبا في شهواته وهواه ، وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القيّم البزاز يقول : قال ابن عطاء : الهلوع : الذي يرضى عند الموجود ويسخط عند المفقود ، أبو الحسن الوراق : نسّاء عند النعمة دعّاء عند المحنة ، وعن سهل أيضا : إذا افتقر جزع وإذا أيسر منع ، أبو عبيدة وثعلب : هو الذي إذا مسّه الخير لم يشكر وإذا مسّه الشرّ لم يصبر ، وقيل : طموعا يرضيه القليل من الدنيا ويسخطه مثلها ، والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع.
قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «شرّ ما أعطى العبد شح هالع وجبن خالع» [٣٤] (٢).
وتقول العرب : ناقة هلواع إذا كانت سريعة السير خفيفة. قال الشاعر :
صكاء علبة إذا استدبرتها |
|
حرج إذا استقبلتها هلواع (٣) |
ثمّ استثنى سبحانه وتعالى (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) قيل : هم الصحابة خاصّة وهم المؤمنون عامّة فإنّهم يغلبون فرط الهلع بحكم الشرع لثقتهم بربّهم ويقينهم بقدرته ، واستثنى الجمع من الواحد.
لأنّ الإنسان اسم الجنس فهو في معنى الجمع.
(الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ).
__________________
(١) في المخطوط : يكره.
(٢) الفائق في غريب الحديث : ٣ / ٤٠٤.
(٣) لسان العرب : ٨ / ٣٧٥.