أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا الحسن بن الحسين بن أيوب ، أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : حدّثنا أبو عبيد قال : حدّثنا حجاج عن هارون قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عنها فقال : (بَرِقَ) بالكسر يعني جار قال : وسألت عنها عبد الله بن أبي إسحاق فقال : بَرَقَ بالفتح ، وقال : إنّما برق الحنظل اليابس ، وبرق البصر قال : فذكرت ذلك لأبي عمرو فقال : إنما برق الحنظل والنار والبرق ، وأما البصر فبرق عند الموت ، قال : فأخبرت بذلك ابن أبي إسحاق فقال : أخذت قراءتي عن الأشياخ نصر بن عاصم وأصحابه فذكرت ذلك لأبي عمرو فقال : لكني لا آخذ عن نصر ولا عن أصحابه كأنه يقول أخذ عن أهل الحجاز فقال : قتادة ومقاتل : شخص البصر فلا يطرف مما يرى من العجائب مما كان يكذب به في الدنيا إنّه غير كائن ، وقال الفراء والخليل : (بَرِقَ) بالكسر فزع ، وأنشدا لبعض العرب :
فنفسك قانع ولا تتغي |
|
وداو الكلوم ولا تبرق |
أي لا تفزع من الجرح الذي بك.
قال ذو الرمّة :
ولو أن لقمان الحكيم تعرّضت |
|
لعينيه ميّ سافرا كاد يبرق (١) |
وبَرَقَ بفتح الراء : شقّ عينه وفتحها ، وأنشد أبو عبيدة :
لما أتاني ابن عمير راغبا |
|
أعطيته عيسا صهابا فبرق (٢) |
أي فتح عينه ، ويجوز أن يكون من البرق.
(وَخَسَفَ الْقَمَرُ) أظلم وذهب ضوءه ، قال ابن كيسان : ويحتمل أن يكون بمعنى غاب كقوله سبحانه (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) (٣) ، وقرأ [ابن أبي إسحاق وعيسى والأعرج] : وَخُسِفَ بالضم لقوله : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٤) أسودين مكوّرين كأنهما ثوران عقيران ، وهي في قراءة عبد الله : وجمع بين الشمس والقمر ، وقيل : وجمع بينهما في ذهاب الضياء ، وقال عطاء بن يسار : يجمعان يوم القيامة ، ثم يقذفان في البحر ، فيكونان نار الله الكبرى ، وقال علي بن أبي طالب وابن عباس : يجعلان في نور الحجب.
(يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) المهرب ، وقرأها العامة (الْمَفَرُّ) بفتح الفاء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم قالا : لأنه مصدر ، وقرأ ابن عباس والحسن بكسر الفاء ، قال الكسائي : هما
__________________
(١) لسان العرب : ١٠ / ١٥.
(٢) الأبيات في تفسير القرطبي : ١٩ / ٩٦ مورد الآية.
(٣) سورة القصص : ٨١.
(٤) سورة القيامة : ٩.