كأنه يقول لأبي جهل : الويل لك يوم تموت ، والويل لك يوم تبعث ، والويل لك يوم تدخل النار وتخلد فيها.
وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي عليهالسلام لمّا نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) فقال أبو جهل : أتوعدني يا محمد والله ما تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا وأني لأعزّ من مشى بين جبليها ، فلمّا كان يوم بدر أشرف عليهم وقال : لا نعبد الله بعد اليوم (١) ، فصرعه الله شرّ مصرع ، وقتله أسوأ قتلة ، أقعصه ابنا عفراء وأجهز عليه ابن مسعود (٢) ، قال : وذكر لنا أن أبا جهل كان يقول : لو علمت أن محمدا رسول الله ما أتبعت غلاما من قريش قال : وذكر لنا أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «إنّ لكل أمّة فرعونا وأن فرعون هذه الأمة أبو جهل» [٧٤] (٣).
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) هملا لا يؤمر ولا ينهى يقال : أسديت حاجتي أي ضيّعتها ، وأبل سدى ترعى حيث شاءت بلا راع. (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) قرأ الحسن وابن محيص وأبو عمرو ويعقوب وسلام بالياء وهي رواية المفضل وحفص عن عاصم واختيار أبي عبيد لأجل المنى ، وقرأ الباقون بالتاء لأجل النطفة وهو اختيار أبي حاتم.
(ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) خلقه (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * أَلَيْسَ ذلِكَ) الذي فعل هذا (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى).
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا القطيعي قال : حدّثنا الكندي قال : حدّثنا سعيد بن بنان الصفار قال : حدّثنا شعبة قال : حدّثني يونس الطويل جليس لأبي إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب قال : لما نزلت هذه الآية (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) قال رسول الله عليهالسلام : «سبحانك وبلى» [٧٥] (٤).
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم الربيعي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أيوب المخزومي قال : حدّثنا صالح بن مالك قال : حدّثنا أبو نوفل علي بن سليمان قال : حدّثنا أبو إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : من قرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (٥) إماما كان أو غيره فليقل : سبحان ربي الأعلى ، ومن قرأ : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) فإذا انتهى إلى آخرها فليقل : سبحانك اللهم بلى (٦) ، إماما كان أو غيره.
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٠ / ٢٩ ح ١٢٥٧٥ وفيه زيادة ... قسوة وعتوا.
(٢) تفسير الطبري : ٩ / ٢٧٥.
(٣) تفسير الدر المنثور : ٦ / ٢٩٦ مورد الآية.
(٤) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ٢٥٠.
(٥) سورة الأعلى : ١.
(٦) كذا في المخطوط وتفسير القرطبي (١٩ / ١١٧) وبهامشه عن نسخة : سبحانك اللهم وبحمدك.