الباب السادس والثلاثون
القول في الخشوع
وأما الخشوع فهو أن يقال إن إلها يدبر العالم ، وإن الروحانيين مدبرون مشرفون على جميع الأفعال ، واستعمال تعظيم الإله والصلوات والتسابيح والتقاديس ، وان الانسان إذا فعل هذه وترك كثيرا من الخيرات المتشوقة في هذه الحياة ، وواظب على ذلك ، عوّض عن ذلك وكوفي بخيرات عظيمة يصل إليها بعد موته. وان هو لم يتمسك بشيء من هذه ، وأخذ الخيرات في حياته ، عوقب عليها بعد موته بشرور عظيمة ينالها في الآخرة (١).
فإن هذه كلها أبواب من الحيل والمكايدة على قوم ولقوم؛ فإنها حيل ومكايد لمن يعجز عن المغالبة على هذه الخيرات بالمصالحة والمجاهدة؛ ومكايد يكايد بها من لا قدرة له على المجاهدة والصلابة ببدنه وصلاحه وخبث رويته ومعاونته بتخويفهم وقمعهم لأن يتركوا
_________________
١) الورع والعبادة والزهد في خيرات الدنيا حيل يلجأ إليها من يعجز عن المغالبة.