بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
هذا كتاب ألفه أبو النصر الفارابي
في مبادئ آراء أهل المدينة الفاضلة
الباب الأول
القول في الموجود الأول
الموجود الأول هو السبب الأول لوجود سائر الموجودات كلها (١) ، وهو بريء من جميع أنحاء النقص. وكل ما سواه فليس يخلو من أن يكون فيه شيء من أنحاء النقص ، إما واحدا وإما أكثر من واحد (٢). وأما الأول فهو خلو من أنحائها كلها ، فوجوده أفضل الوجود ، وأقدم الوجود ، ولا يمكن أن يكون وجود أفضل ولا أقدم من وجوده (٣). وهو من فضيلة الوجود في أعلى أنحائه ، ومن كمال الوجود في أرفع المراتب. ولذلك لا يمكن أن يشوب وجوده وجوهره عدم أصلا. والعدم والضد لا يكونان الا فيما دون فلك القمر. والعدم هو لا وجود ما شأنه أن يوجد (٤).
_________________
١) الله هو العلة الأولى لسائر الموجودات.
٢) وهو تام.
٣) وهو قديم.
٤) وهو أبدي.