الباب الثاني والثلاثون
القول في أهل هذه المدن
اما أهل المدن الجاهلة ، فان أنفسهم تبقى غير مستكملة ، ومحتاجة في قيامها إلى المادة ضرورة ، إذ لم يرتسم فيها رسم حقيقة بشيء من المعقولات الأول أصلا. فإذا بطلت المادة التي بها كان قوامها ، بطلت القوى التي كان شأنها أن يكون بها قوام ما بطل ، وبقيت القوى التي شأنها أن يكون بها قوام ما بقي. فان بطل هذا أيضا وانحلّ إلى شيء آخر ، صار الذي بقي صورة ما لذلك الشيء الذي اليه انحلت المادة الباقية. فكلما يتّفق بعد ذلك أن ينحلّ ذاك أيضا إلى شيء ، صار الذي يبقى صورة ما لذلك الشيء الذي إليه انحلّ ، إلى أن ينحلّ إلى الاسطقسات ، فيصير الباقي الأخير صورة الاسطقسات (١).
ثم من بعد ذلك يكون الأمر فيه على ما يتّفق أن يتكوّن عن تلك
_________________
١) نفوس أهل المدن الجاهلة تنحل وتتخذ صورة الاسطقسات الأربع.