تكن مؤثرة في اسقاط ذم ولا عقاب. فان قيل : الظاهر من القرآن بخلاف ما ذكرتموه ، لانه اخبر ان آدم عليه السلام منهي عن أكل الشجرة بقوله : (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) وبقوله : (ألم انهكما عن تلكما الشجرة)؟ وهذا يوجب بأنه (ع) عصى بأن فعل منهيا عنه ولم يعص بان ترك مأمورا به. قلنا : أما النهي والامر معا فليسا يختصان عندنا بصيغة ليس فيها احتمال ولا اشتراك ، وقد يؤمر عندنا بلفظ النهي وينهى بلفظ الامر ، فإنما يكون النهي نهيا بكراهة المنهي عنه. فإذا قال تعالى : ولا تقربا هذه الشجرة ، ولم يكره قربها ، لم يكن في الحقيقة ناهيا ، كما أنه تعالى لما قال : (اعملوا ما شئتم وإذا حللتم فاصطادوا) ، ولم يرد ذلك ، لم يكن أمرا. فإذا كان قد صح قوله (ولا تقربا هذه الشجرة) إرادة لترك التناول ، فيجب ان يكون هذا القول أمرا ، وإنما سماه منهيا عنه ، ويسمى أمره له بأنه نهي من حيث كان فيه معنى النهي ، لان النهي ترغيبا في الامتناع من الفعل ، وتزهيدا في الفعل نفسه. ولما كان الامر ترغيبا في الفعل المأمور به وتزهيدا في تركه ، جاز ان يسمى نهيا. وقد يتداخل هذان الوصفان في الشاهد فيقول احدنا قد أمرت فلانا بأن لا يلقى الامير ، وإنما يريد أنه نهاه عن لقائه ، ويقول نهيتك عن هجر زيد وإنما معناه امرتك بمواصلته ، فإن قيل ألا جعلتم النهي منقسما إلى منهي قبيح ومنهي غير قبيح ، بل يكون تركه أفضل من فعله ، كما جعلتم الامر منقسما إلى واجب وغير واجب. قلنا الفرق بين الامرين ظاهر ، لان انقسام المأمور به في الشاهد إلى واجب وغير واجب غير مدفوع ، ولا خاف ، وليس يمكن أحد أن يدفع ان في الافعال الحسنة التي يستحق بها المدح والثواب ما له صفة الوجوب ، وفيها ما لا يكون كذلك. فإذا كان الواجب مشاركا للندب في تناول الارادة له واستحقاق الثواب والمدح به ، فليس يفارقه إلا بكراهة الترك. لان الواجب تركه مكروه والنفل ليس كذلك. فلو جعلنا