بغير علمه صلى الله عليه وآله فإن قيل : فما بال النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر بقتل الاسارى لما صاروا في يده وان كان خارجا من المعصية وموجب العتاب ، أو ليس لما استشار اصحابه فأشار عليه ابو بكر باستبقائهم وعمر باستيصالهم رجع إلى رأي ابي بكر ، حتى روي أن العتاب كان من اجل ذلك؟. قلنا : أما الوجه في أنه عليه السلام لم يقتلهم فظاهر ، لانه غير ممتنع ان تكن المصلحة في قتلهم وهم محاربون ، وان يكون القتل أولى من الاسر ، فإذا اسروا تغيرت المصلحة وكان استبقاؤهم اولى ، والنبي صلى الله عليه وآله لم يعمل براي ابي بكر إلا بعد ان وافق ذلك ما نزل به الوحي عليه. وإذا كان القرآن لا يدل بظاهر ولا فحوى على وقوع معصية منه صلى الله عليه وآله في هذا الباب فالرواية الشاذة لا يعول عليها ولا يلتفت إليها. وبعد : فلسنا ندري من اي وجه تضاف المعصية إليه صلى الله عليه وآله في هذا الباب ، لانه لا يخلو من ان يكون أوحى إليه صلى الله عليه وآله في باب الاسارى بأن يقتلهم ، أو لم يوح إليه فيه بشئ ، ووكل ذلك إلى اجتهاده ومشورة اصحابه ، فإن كان الاول فليس يجوز ان يخالف ما اوحي إليه ، ولم يقل احد ايضا في هذا الباب أنه صلى الله عليه وآله خالف النص في باب الاسارى ، وإنما يدعى عليه انه فعل ما كان الصواب عند الله خلافه ، وكيف يكون قتلهم منصوصا عليه بعد الاسر وهو يشاور فيه الاصحاب ويسمع فيه المختلف من الاقوال وليس لاحد ان يقول إذا جاز أن يشاور في قتلهم واستحيائهم ، وعنده نص بالاستحياء ، فهلا جاز ان يشاور وعنده نص في القتل ، وذلك أنه لا يمتنع ان يكون أمر بالمشاورة قبل ان ينص له على أحد الامرين ، ثم أمر بما وافق احدى المشورتين فاتبعه. وهذا لا يمكن المخالف ان يقول مثله ، وان كان لم يوح إليه في باب الاسارى شئ ووكل إلى اجتهاده ومشورة اصحابه ، فما باله يعاتب وقد فعل ما أداه إليه الاجتهاد والمشاورة ، وأي لوم على من فعل الواجب ولم يخرج عنه ، وهذا يدل على ان من