اضاف إليه المعصية قد ضل عن وجه الصواب. تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في امر المتخلفين : (مسألة) : فإن قيل فما وجه قوله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وآله لما استأذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد فأذن لهم : (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) أو ليس العفو لا يكون الا عن الذنب؟ وقوله (لم اذنت) ظاهر في العتاب لانه من اخص الفاظ العتاب؟. (الجواب) : قلنا أما قوله تعالى (عفى الله عنك) فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب ، ولا يمتنع ان يكون المقصود به التعظيم والملاطفة في المخاطبة. لان احدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه : أرأيت رحمك الله وغفر الله لك. وهو لا يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه ، بل ربما لم يخطر بباله ان له ذنبا. وانما الغرض الاجمالي في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره. وأما قوله تعالى : (لم أذنت لهم) فظاهره الاستفهام والمراد به التقريع واستخراج ذكر علة اذنه ، وليس بواجب حمل ذلك على العتاب ، لان احدنا قد يقول لغيره ، لم فعلت كذا وكذا. تارة معاتبا وأخرى مستفهما ، وتارة مقررا. فليس هذه اللفظة خاصة للعتاب والانكار. وأكثر ما يقتضيه وغاية ما يمكن ان يدعى فيها ان تكون دالة على انه صلى الله عليه وآله ترك الاولى والافضل ، وقد بينا ان ترك الاولى ليس بذنب ، وان كان الثواب ينقص معه. فإن الانبياء عليهم السلام يجوز ان يتركوا كثيرا من النوافل. وقد يقول احدنا لغيره إذا ترك الندب : لم تركت الافضل ولم عدلت عن الاولى؟ ولا يقتضي ذلك انكارا ولا قبيحا. تنزيه سيدنا محمد عن الوزر : (مسألة) : فإن قيل فما معنى قوله تعالى : (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك) أو ليس هذا صريحا في وقوع المعاصي منه صلى الله عليه وآله؟. (الجواب) : قلنا أما الوزر في أصل اللغة فهو الثقل ، وانما سميت الذنوب بأنها اوزارا لانها تثقل كاسبها وحاملها. فإذا كان أصل الوزر ما ذكرناه ، فكل شئ اثقل الانسان وغمه وكده وجهده