جاز ان يسمى وزرا ، تشبيها بالوزر الذي هو الثقل الحقيقي. وليس يمتنع ان يكون الوزر في الآية انما أراد به غمه صلى الله عليه وآله وهمه بما كان عليه قومه من الشرك ، وأنه كان هو وأصحابه بينهم مستضعفا مقهورا. فكل ذلك مما يتعب الفكر ويكد النفس. فلما أن أعلى الله كلمته ونشر دعوته وبسط يده خاطبه بهذا الخطاب تذكيرا له بمواقع النعمة عليه ، ليقابله بالشكر والثناء والحمد. ويقوي هذا التأويل قوله تعالى : (ورفعنا لك ذكرك) وقوله عز وجل : (فإن مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) والعسر بالشدائد والغموم اشبه ، وكذلك اليسر بتفريج الكرب وإزالة الهموم والغموم اشبه. فإن قيل : هذا التأويل يبطله ان هذه السورة مكية نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وهو في الحال الذي ذكرتم انها تغمه من ضعف الكلمة وشدة الخوف من الاعداء ، وقبل ان يعلي الله كلمة المسلمين على المشركين ، فلا وجه لما ذكرتموه. قلنا : عن هذا السؤال جوابان : أحدهما انه تعالى لما بشره بأنه يعلي دينه على الدين كله ويظهره عليه ويشفى صلى الله عليه وآله من اعدائه وغيظه ، وغيظ المؤمنين به ، كان بذلك وضعا عنه ثقل غمه بما كان يلحقه من قومه ، ومطيبا لنفسه ومبدلا عسره يسرا ، لانه يثق بأن وعد الله تعالى حق ما يخلف ، فامتن الله تعالى عليه بنعمة سبقت الامتنان وتقدمته. والجواب الآخر : ان يكون اللفظ وان كان ظاهره الماضي ، فالمراد به الاستقبال. ولهذا نظائر كثيرة في القرآن والاستعمال. قال الله تعالى : (ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة) وقوله تعالى : (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك) ، إلى غير ذلك مما شهرته تغني عن ذكره. تنزيه سيدنا محمد عن الذنب : (مسألة) : فإن قيل : فما معنى قوله تعالى : (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أو ليس هذا صريحا في أن له صلى الله عليه وآله ذنوبا وان كانت مغفورة. (الجواب) : قلنا أما من نفى عنه صلى الله عليه وآله صغائر الذنوب مضافا إلى كبائرها ، فله عن هذه الآية اجوبة نحن نذكرها ونبين صحيحها من سقيمها