منها : انه أراد تعالى باضافة الذنب إليه ذنب ابيه آدم عليه السلام. وحسنت هذه الاضافة لاتصال القربى ، وعفوه لذلك ، من حيث اقسم آدم على الله تعالى به ، فأبر قسمه ، فهذا المتقدم. والذنب المتأخر هو ذنب شيعته وشيعة أخيه عليه السلام. وهذا الجواب يعترضه ان صاحبه نفى عن نبي ذنبا واضافه إلى آخر. والسؤال عليه فيمن اضافه إليه كالسؤال فيمن نفاه عنه. ويمكن إذا اردنا نصرة هذا الجواب ان نجعل الذنوب كلها لامته صلى الله عليه وآله ، ويكون ذكر التقدم والتأخر انما أراد به ما تقدم زمانه وما تأخر ، كما يقول القائل مؤكدا : «قد غفرت لك ما قدمت وما أخرت وصفحت عن السالف والآنف من ذنوبك». ولاضافه ذنوب أمته إليه وجه في الاستعمال معروف لان القائل قد يقول لمن حضره من بني تميم أو غيرهم من القبائل انتم فعلتم كذا وكذا وقلتم فلانا وان كان الحاضرون ما شهدوا ذلك ولا فعلوه وحسنت الاضافة للاتصال والتسبب ولا سبب اوكد مما بين الرسول صلى الله عليه وآله وامته فقد يجوز توسعا وتجوزا ان تضاف ذنوبهم إليه (ومنها) انه سمى ترك الندب ذنبا وحسن ذلك لانه صلى الله عليه وآله ممن لا يخالف الاوامر الا هذا الضرب من الخلاف ولعظم منزلته وقدره فجاز ان يسمي بالذنب منه ما إذا وقع من غيره لم يسم ذنبا وهذا الوجه يضعفه على بعد هذه التسمية انه لا يكون معنى لقوله انني اغفر ذنبك ولا وجه في معنى الغفران يليق بالعدول عن الندب (عن الذنب). ومنها : ان القول خرج مخرج التعظيم وحسن الخطاب كما قلناه في قوله تعالى : (عفا الله عنك لم أذنت لهم). وهذا ليس بشئ لان العادة قد جرت فيما يخرج هذا المخرج من الالفاظ أن يجري مجرى الدعاء ، مثل قولهم : غفر الله لك ، وليغفر الله لك ، وما أشبه ذلك. ولفظ الآية بخلاف هذا لان المغفره جرت فيها مجرى الجزاء والغرض في الفتح. وقد كنا ذكرنا في هذه الآية وجها اخترناه وهو أشبه بالظاهر مما تقدم ، وهو أن يكون المراد بقوله