وانما العجب من اظهار شئ من ذلك مع ما كان عليه من شر الفتنة وخوف الفرقة ، وقد كان (ع) يجهر في كل مقام يقومه بما هو عليه من فقد التمكن وتقاعد الانصار وتخاذل الاعوان ، بما ان ذكرنا قليله طال به الشرح وهو (ع) القائل : «والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين اهل الانجيل بانجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، حتى يظهر كل كتاب من هذه الكتب ويقول يا رب ان عليا قد قضى بقضائك». وهو القائل عليه السلام وقد استأذنه قضاته فقالوا بم نقضي يا امير المؤمنين فقال (ع) : «اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو اموت كما مات اصحابي» يعني (ع) من تقدم موته من اصحابه والمخلصين من شيعته الذين قبضهم الله تعالى وهم على احوال التقية والتمسك باطنا بما أوجب الله جل اسمه عليهم التمسك به. وهذا واضح فيما قصدناه. وقد تضمن كلامنا هذا الجواب عن سؤال من يسأل عن السبب في امتناعه عليه السلام من رد فدك إلى يد مستحقها لما افضى التصرف في الامامة إليه (ع). في مسألة التحكيم : (مسألة) : فان قيل : فما الوجه في تحكيمه عليه السلام أبا موسى الاشعري وعمرو بن العاص؟ وما العذر في ان حكم في الدين الرجال. وهذا يدل على شكه في امامته وحاجته إلى علمه بصحة طريقته؟ ثم ما الوجه في تحكيمه فاسقين عنده عدوين له. أو ليس قد تعرض لذلك ان يخلعا امامته ويشككا الناس فيه وقد مكنهما من ذلك بأن حكمهما ، وكانا غير متمكنين منه ولا أقوالهما حجة في مثله؟ ثم ما العذر في تأخره جهاد المرقة الفسقة وتأجيله ذلك مع امكانه واستظهاره وحضور ناصره؟ ثم ما الوجه في محو اسمه من الكتاب بالامامة وتنظيره لمعاوية في ذكر نفسه بمجرد الاسم المضاف إلى الاب كما فعل ذلك به ، وانتم تعلمون ان بهذه الامور ضلت الخوارج مع شدة