لا أشك في دينى أم النبي صلى الله عليه وآله؟ أو ما قال الله تعالى لرسوله : (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما أتبعه ان كنتم صادقين). واما قول السائل ، فإنه (ع) تعرض لخلع امامته ومكن الفاسقين من ان يحكما عليه بالباطل ، فمعاذ الله ان يكون كذلك ، لانا قد بينا انه (ع) انما حكمهما بشرط لو وفيا به وعملا عليه ، لاقرا امامته واوجبا طاعته ، لكنهما عدلا عنه فبطل حكمهما ، فما مكنهما من خلع امامته ولا تعرض منهما لذلك. ونحن نعلم ان من قلد حاكما أو ولى اميرا ليحكم بالحق ويعمل بالواجب فعدل عما شرط عليه وخالفه ، لا يسوغ القول بأن من ولاه عرضه لباطل ومكنه من العدول عن الواجب ، ولم يلحقه شئ من اللوم بذلك ، بل كان اللوم عائدا على من خالف ما شرط عليه.
فأما تأخيره جهاد الظالمين
وتأجيل ما يأتي من استيصالهم ، فقد بينا العذر فيه ، وان اصحابه (ع) تخاذلوا وتواكلوا واختلفوا ، وان الحرب بلا أنصار وبغير اعوان لا يمكن. والمتعرض لها مغرر بنفسه وأصحابه.
فأما عدوله عن التسمية بأمير المؤمنين
واقتصاره على التسمية المجردة ، فضرورة لحال دعت إليها. وقد سبق إلى مثل ذلك سيد الاولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وآله في عام الحديبية ، وقصته مع سهل بن عمرو ، وأنذره عليه السلام بأنه : ستدعى إلى مثل ذلك وتجيب على مضض. فكان كما أنذر وخبر رسول الله صلى الله عليه وآله. واللوم بلا اشكال زايل عما اقتدى فيه بالرسول صلى الله عليه وآله. وهذه جملة تفصيلها يطول ، وفيها لمن انصف من نفسه بلاغ وكفاية. في أن عليا لم يندم على التحكيم : (مسألة) : فان قيل فإذا كان عليه السلام من أمر التحكيم على ثقة ويقين فلم روي عنه (ع) انه كان يقول