المؤمنين عليه الصلاة والسلام عند حربه للخوارج يوم النهروان من رفعه رأسه إلى السماء ناظرا إليها تارة والى الارض أخرى وقوله (ع) : والله ما كذبت ولا كذبت. فلما قتلهم وفرغ من الحرب ، قال له ابنه الحسن (ع) : يا أمير المؤمنين أكان رسول الله صلى الله عليه وآله تقدم اليك في هؤلاء بشئ؟. قال : لا ولكن أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بكل حق ، ومن الحق أن أقاتل المارقين والناكثين والقاسطين. أو ليس قد تعلق بهذا النظام في كتابه المعروف بالنكت. وقال هذا توهيم منه (ع) لاصحابه أن رسول الله قد تقدم إليه في أن الخوارج سيخالفوه ويقتلهم ، إذ يقول والله ما كذبت ولا كذبت. (الجواب) : إنا لا ندري كيف ذهب على النظام كذب هذه الرواية ، يعني التضمنة لقوله (ع) انه لم يتقدم الرسول إليه في ذلك بشئ ، إن كان النظام رواها ونقلها ، ام كيف استجاز ان يضيفها إليه (ع) ان كان تخرصها؟ وكيف ظن ان مثل ذلك يخفى على احد مع ظهور الحال وتواتر الروايات عنه عليه السلام بالانذار لقتال أهل النهروان وكيفيته ، والاشعار بقتل المخدج ذي الثدية ، وإنما كان عليه السلام ينظر إلى السماء ثم إلى الارض ويقول ما كذبت ولا كذبت استبطاء لوجود المخدج ، لانه (ع) عند قتل القوم أمر بطلبه في جملة القتلى ، فلما طال الامر في وجوده واشفق (ع) من وقوع شبهة من ضعفة اصحابه فيما كان يخبر به وينذر من وجوده فقلق (ع) لذلك واشتد همه وكرر قوله ما كذبت ولا كذبت ، إلى ان اتاح الله وجوده والظفر به بين القتلى على الهيئة التي كان (ع) ذكرها ، فلما احضروه اياه كبر (ع) واستبشر بزوال الشبهة في صحة خبره. وقد روى من طرق مختلفة وجهات كثيرة عنه (ع) الانذار بقتال الخوارج وقتل المخدج على صفته التي وجد عليها ، وأنه عليه السلام كان يقول لاصحابه أنهم لا يعبرون النهر حتى يصرعوا دونه ، وأنه لا يقتل من أصحابه إلا دون العشرة ، ولا يبقى من الخوارج