الصواب ، والذي تظاهرت به الروايات ونقله أهل السير في هذا الباب من طرق مختلفة ، أن امير المؤمنين عليه السلام لما خطب بالبصرة وأجاب عن مسائل شتى سئل عنها ، واخبر بملاحم وأشياء تكون بالبصرة ، قام إليه عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال يا امير المؤمنين ان الناس يكثرون في أمر الفئ ويقولون من قاتلنا فهو وماله وولده فئ لنا. وقام رجل من بكر بن وايل يقال له عباد بن قيس ، فقال يا امير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية ، فقال عليه السلام ولم ويحك؟ قال لانك قسمت ما في العسكر وتركت الاموال والنساء والذرية. فقال امير المؤمنين (ع) : يا ايها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسمن. فقال عباد بن قيس جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات. فقال عليه السلام ان كنت كاذبا فلا اماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف. فقال رجل يا امير المؤمنين ومن غلام ثقيف؟ فقال رجل لا يدع لله حرمة الا انتهكها. فقال له الرجل أيموت أو يقتل؟ فقال امير المؤمنين عليه السلام بل يقصمه قاصم الجبارين يخترق سريره لكثرة ما يحدث من بطنه ، يا أخا بكر انت امرؤ ضعيف الرأي ، أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير ، وان الاموال كانت بينهم قبل الفرقة يقسم ما حواه عسكرهم ، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم ، فإن عدا علينا احد اخذناه بذنبه ، وان كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره. يا أخا بكر والله لقد حكمت فيكم بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل مكة قسم ما حواه العسكر ، ولم يعرض لما سوى ذلك. وانما اقتفينا اثره حذو النعل بالنعل. يا أخا بكر ، اما علمت ان دار الحرب يحل ما فيها ، ودار الهجرة محرم ما فيها إلا بحق ، مهلا مهلا رحمكم الله فإن انتم انكرتم ذلك علي ، فأيكم يأخذ أمه عايشة بسهمه؟ قالوا يا امير المؤمنين اصبت واخطأنا وعلمت وجهلنا ، أصاب الله بك الرشاد والسداد.