هؤلاء. ثم لحقه الحر بن يزيد ومن معه من الرجال الذين انفذهم ابن زياد ، ومنعه من الانصراف ، وسامه ان يقدمه على ابن زياد نازلا على حكمه ، فامتنع. ولما رأى أن لا سبيل له إلى العود ولا إلى دخول الكوفة ، سلك طريق الشام سائرا نحو يزيد بن معاوية لعلمه عليه السلام بأنه على ما به أرق من ابن زياد وأصحابه ، فسار عليه السلام حتى قدم عليه عمر بن سعد في العسكر العظيم ، وكان من أمره ما قد ذكر وسطر ، فكيف يقال انه القى بيده إلى التهلكة؟ وقد روى أنه صلوات الله وسلامه عليه وآله قال لعمر بن سعد : اختاروا منى إما الرجوع إلى المكان الذي اقبلت منه ، أو ان اضع يدي في يد يزيد ابن عمى ليرى في رأيه ، وإما ان تسيروني إلى ثغر من ثغور المسلمين ، فأكون رجلا من أهله لى ماله وعلي ما عليه. وان عمر كتب إلى عبيد الله بن زياد بما سئل فأبى عليه وكاتبه بالمناجزة وتمثل بالبيت المعروف وهو : الآن علقت مخالبنا به * يرجو النجاة ولات حين مناص فلما رأى (ع) إقدام القوم عليه وان الدين منبوذ وراء ظهورهم وعلم أنه إن دخل تحت حكم ابن زياد تعجل الذل وآل امره من بعد إلى القتل ، التجأ إلى المحاربة والمدافعة بنفسه وأهله ومن صبر من شيعته ، ووهب دمه ووقاه بنفسه. وكان بين إحدى الحسنيين : إما الظفر فربما ظفر الضعيف القليل ، أو الشهادة والميتة الكريمة.
وأما مخالفة ظنه عليه السلام
لظن جميع من أشار عليه من النصحاء كابن عباس وغيره ، فالظنون انما تغلب بحسب الامارات. وقد تقوى عند واحد وتضعف عند آخر ، لعل ابن عباس لم يقف على ما كوتب به من الكوفة ، وما تردد في ذلك من المكاتبات والمراسلات والعهود والمواثيق. وهذه أمور تختلف أحوال الناس فيها ولا يمكن الاشارة إلا إلى جملتها دون تفصيلها.