عليه. ومنها : ما ذكره ابو مسلم ، فإنه قال جايز ان يكون الجسد المذكور هو جسد سليمان (ع) ، وان يكون ذلك لمرض امتحنه تعالى به. وتلخيص الكلام : «ولقد فتنا سليمان والقينا منه على كرسيه جسدا» وذلك لشدة المرض. والعرب تقول في الانسان إذا كان ضعيفا «انه لحم على وضم». كما يقولون : «انه جسد بلا روح» تغليظا للعلة ومبالغة في فرط الضعف. (ثم أناب) اي رجع إلى حال الصحة واستشهد على الاختصار والحذف في الآية بقوله تعالى : (ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا إلا أساطير الاولين) ولو اتي بالكلام على شرحه لقول الذين كفروا منهم أي من المجادلين. كما قال تعالى : (محمد رسول الله والذين آمنوا معه اشداء على الكفار رحماء بينهم) إلى قوله : (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما) وقال الاعشى في معنى الاختصار والحذف : وكأن السموط علقها السلك * بعطفي جيداء أم غزال ولو اتي بالشرح لقال علقها السلك منها. وقال كعب بن زهير : زالوا فما زال انعكاس ولا كشف * عند اللقاء ولا ميل معازيل وانما أراد فما زال منهم انعكاس ولا كشف وشواهد هذا المعنى كثيرة. تنزيه سليمان عن الشح وعدم القناعة : (مسألة) : فإن قيل فما معنى قول سليمان عليه السلام : (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك أنت الوهاب) أو ليس ظاهر هذا القول منه (ع) يقتضي الشح والظن والمنافة لانه لم يقنع بمسألة الملك حتى أضاف إلى ذلك ان يمنع غيره منه؟. (الجواب) قلنا : قد ثبت ان الانبياء عليهم السلام لا يسألون إلا ما يؤذن لهم في مسألته ، لا سيما إذا كانت المسألة ظاهرة يعرفها قومهم. وجايز أن يكون الله تعالى اعلم سليمان (ع) انه ان سأل ملكا لا يكون لغيره كان أصلح له في الدين والاستكثار من الطاعات ، واعلمه ان غيره لو سأل ذلك لم يجب إليه من حيث لا صلاح