فقدمنا مكة فو الله ما علمت (١) منا امرأة إلّا وقد عرض عليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا قيل : إنه يتيم ، تركناه وقلنا ما ذا عسى أن تصنع (٢) إلينا أمه؟ إنما نرجو المعروف من أبي الوليد. فأمّا أمّه فما عسى أن تصنع (٢) إلينا فو الله ما بقي من صواحبي امرأة إلّا أخذت رضيعا غيري فلما لم آخذ غيره ، قلت لزوجي الحارث بن عبد العزّى : والله إني لأكره (٣) أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع ، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم لآخذنه. فقال : لا عليك ، فذهبت فأخذته فو الله ما أخذته إلّا إني لم آخذ غيره ، فما هو إلّا أن أخذته فجئت به رحلي ، فأقبل عليه ثديي (٤) بما شاء من لبن فشرب حتى روي ، وشرب أخوه حتى روي. وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا بها لحافل (٥) فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير (٦) ليلة. فقال صاحبي : يا حليمة والله إني لأراك وقد (٨) أخذت نسمة مباركة. ألم تري إلى ما بتنا من الخير والبركة حتى أخذناه ، فلم يزل الله تبارك وتعالى يرينا خيرا ، ثم خرجنا راجعين إلى بلادنا ، فو الله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار. حتى أن صواحباتي ليقلن (٩) : ويلك يا حليمة بنت أبي ذؤيب ، أهذه أتانك التي خرجت عليها معنا؟ فقالت : نعم ، والله إنها لهي. فيقلن : والله إن لها لشأنا (١٠) حتى قدمنا أرض بني سعد ، وما أعلم أرضا من أرض الله تعالى أجدب (١١) منها فإن كانت غنمي تسرح ثم تروح شباعا لبّنا فتحلب ما شئنا وما حولنا أحد تبضّ له شاة تقطر لبنا ، وإن أغنامهم لتروح جياعا حتى أنهم ليقولون لرعيانهم : ويحكم انظروا
__________________
(١) عن خع وابن إسحاق ، وبالأصل «عملت» تحريف.
(٢) عن ابن إسحاق ، وبالأصل وخع : «يضع».
(٣) بالأصل وخع : «لا أكره» والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٤) في ابن إسحاق والدلائل للبيهقي : «ثدياي» وعقب السهيلي في الروض ١ / ١٨٧ فقال : وذكر غير ابن إسحاق أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان لا يقبل إلّا على ثديها الواحد ، وكانت تعرض عليه الثدي الآخر فيأباه كأنه قد أشعر عليهالسلام أن معه شريكا في لبانها ، وكان مفطورا على العدل مجبولا على المشاركة والفضل.
(٥) بالأصل وخع : الحافل ، والمثبت عن ابن إسحاق والبيهقي.
والحافل : الممتلئة الضرع من اللبن.
(٦) قوله : «فبتنا بخير ليلة» غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.
(٧) عن دلائل البيهقي وبالأصل «إني».
(٨) غير مقروءة بالأصل والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.
(٩) بالأصل : «إنها لشأن» والصواب عن سيرة ابن إسحاق والبيهقي.
(١٠) عن سيرة ابن إسحاق والدلائل ؛ بالأصل وخع : أخذت.