حيث يسرح غنم حليمة بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم ، فيسرحون مع غنمي حيث [تسرح](١) فيريحون ، أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن ، ويروح غنمي شباعا لبنا يحلب ما شئنا فلم يزل الله تبارك وتعالى يرينا البركة ويتعرفها حتى بلغ سنتيه (٢) فكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان ، فو الله ما بلغ السنتين (٣) حتى كان غلاما يجفر ، فقدمنا به على أمه.
[ونحن](٤) أضن شيء به ممّا رأينا فيه من البركة. فلما رأته أمه قلنا لها يا ظئر دعينا نرجع ببنيّنا هذه السنة الأخرى فإننا (٥) ، فو الله ما زلنا بها حتى قالت نعم فسرحته معنا ، فقمنا فأقمنا شهرين أو ثلاثا. فبينما هو خلف بيوتنا هو وأخ له من الرضاعة في بهم لنا فجاءنا أخوه يشتد ، فقال : ذاك أخي القرشي ، قال جاءه رجلان عليهما (٦) وأضجعاه (٧) فشقا بطنه ، فخرجت أنا وأبوه نشتد (٨) نحوه فنجده قائما منتقعا لونه ، فاعتنقه أبوه فقال : أي بني ما شأنك؟
قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني ، فشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا ، فطرحاه ثم رداه كما كان [٥٦٨]. فرجعنا به معنا. فقال أبوه : يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب ، فانطلقي بنا فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر ما نتخوف به.
قالت : فاحتملناه (٩) فلم ترع أمه إلّا أنه قد قدمنا به عليها فقالت : ما ردّكما وقد كنتما عليه حريصين؟ فقلنا : لا والله يا ظئر إلّا أن الله قد أدى عنا وقضينا الذي علينا وقلنا نخشى [الاتلاف](١٠) والأحداث نرده على أهله فقالت : ما ذاك بكما ، فاصدقاني شأنكما ، فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره. فقالت : أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه سبيل. وإنه لكائن لابني هذا شأن ، ألا أخبركما خبره؟ قلنا : بلى؟ قالت :
__________________
(١) زيادة عن ابن إسحاق والبيهقي.
(٢) عن ابن إسحاق والدلائل ، وبالأصل : سنيه.
(٣) عن ابن إسحاق والدلائل وبالأصل : السنين.
(٤) عن ابن إسحاق والدلائل.
(٥) بعدها في ابن إسحاق : «نخشى عليه أوباء مكة» وقد بقي مكان العبارة بياضا بالأصل.
(٦) بعدها في ابن إسحاق والدلائل : ثياب بياض.
(٧) الدلائل وابن إسحاق : فأضجعاه.
(٨) بالأصل «يشتد» والمثبت عن الدلائل وابن إسحاق.
(٩) بالأصل : «فاحتملنا» والمثبت عن ابن إسحاق.
(١٠) زيادة عن الدلائل وابن إسحاق.