لقد عثر «سير ليونارد وولي (١)» في حفائره في «أور» عام ١٩٢٩ م على طبقة من الغرين السميك الذي يقدر بحوالي ثمانية أقدام والذي اعتبره دليلا ماديا على الطوفان السومري نظرا لكثافة تلك الطبقة الغرينية وتوافقها الزمني إلى حد كبير مع النصوص السومرية ، هذا مع ملاحظة أن تلك الطبقة الغرينية تقع فوق وتحت آثار تنتمي إلى عصر حضارة العبيد ، والتي تمثل عصر ما قبل الأسرات الأول في جنوب العراق ، ثم اتجه «وولي» بعد ذلك إلى الحفر في موقع بعيد عن «أور» بحوالي ثلاثمائة ياردة من ناحية الشمال الغربي للبحث عن مدى امتداد تلك الطبقة الغرينية ، وكانت نتيجة الحفر إيجابية ، مما أدى إلى القول بوجهة نظره المشهورة في ارتباط تلك الطبقة الغرينية السميكة بالطوفان الذي ذكرته الكتب المقدسة (٢).
ولكن أستاذنا الدكتور رشيد الناضوري يرى أنه لا ينبغي الجزم بصورة حاسمة في هذا الشأن ، ذلك لأن جنوب العراق القديم قد واجه الكثير من الفيضانات والطوفان ، فهناك أدلة غرينية على فيضان أو طوفان كبير في شورباك يرجع إلى نهاية عصر «جمدة نصر» ، وآخر في «كيش» يرجع إلى فترة لاحقة للفيضان السابق ، وهكذا بات من الصعب علينا المقارنة بين تلك الفيضانات ، وأيها هو الذي يتفق مع قائمة الملوك السومرية ، ولعل فيضان «شورباك» أكثر قربا منها على أساس أن تلك القائمة قد أشارت إلى المدينة الأخيرة ، كآخر مدينة قبل حادث الطوفان ، ولكن في نفس الوقت علينا ألا نستبعد كلية طوفان «أور» ذي الطبقة السميكة للغاية ، أضف إلى ذلك أن عدم العثور على الطبقة الغرينية الموازية في كافة المدن السومرية يدفع إلى الاتجاه باحتمال كون الطبقة الغرينية التي عثر عليها «وولي» في أور ، إنما هي مجرد ترسيب محلي ، ليس له الصفة الشاملة (٣).
__________________
(١) C. L. Woolley, ur of the Chaldees, London, ٠٥٩١, P. ٢٢ ـ ٩٢, Excavations at ur, P. ٦٢ ـ ٦٣.
(٢) رشيد الناضوري : المرجع السابق ص ٢٢٥.
(٣) نفس المرجع السابق ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، وانظر كذلك.J.Finegan ,op cit ,P.٤٢ وكذلك H. W. F. Saggs, the Greatness that was Babylon, London, ٢٦٩١, footnote, P. ٤٣ ـ ٥٣.