تَشابَهَ عَلَيْنا) لأن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال «والذي نفس محمد بيده لو لم يقولوا إن شاء الله لحيل بينهم وبينها أبدا» وفيه دليل على أن الاستثناء مندوب في كل عمل صالح يراد تحصيله ، ففيه استعانة بالله وتفويض للأمر إليه ، والاعتراف بقدرته ونفاذ مشيئته الأزلية وإرادته السرمدية ، ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن. والمعنى إنا بمشيئة الله نهتدي للبقرة المأمور بذبحها عند تحصيلنا أوصافها التي بها تمتاز عما عداها ، أو إنا إن شاء الله على هدى في استقصاء السؤال أي نرجو أنا لسنا على ضلالة فيما نفعله من هذا البحث ، أو إنا إن شاء الله تعريفنا إياها بالزيادة لنا في البيان نهتدي لها ، أو إنا إن شاء الله نهتدي للقاتل (لا ذَلُولٌ) صفة لبقرة مثل لا فارض أي بقرة غير ذلول لم تذلل للكراب وإثارة الأرض ، ولا هي من النواضح التي يسنى عليها لسقي الحرث. «لا» الأولى للنفي والثانية مزيدة للتوكيد ، لأن المعنى لا ذلول تثير وتسقي ، على أن الفعلين صفتان لذلول كأنه قيل : لا ذلول مثيرة وساقية. والذل بالكسر اللين ضد الصعوبة ، ودابة ذلول بينة الذل «فعول» بمعنى «فاعل» ، ولهذا استوى فيه المذكر والمؤنث. تقول : رجل صبور وامرأة صبور (مُسَلَّمَةٌ) سلمها الله تعالى من العيوب مطلقا ، أو معفاة من العلم وحشية مرسلة عن الحبس ، أو مخلسة اللون لم يشب صفرتها شيء من الألوان. وعلى هذا يكون (لا شِيَةَ فِيها) كالبيان. والشية كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره أي لا لون فيها يخالف سائر لونها فهي صفراء كلها حتى قرنها وظلفها ، وهي في الأصل مصدر «وشاة» إذا خلط بلونه لونا آخر ، أصلها وشية حذف فاؤها كما هو «عدة» و «زنة» (الْآنَ) اسم للوقت الذي أنت فيه وهو ظرف غير متمكن وقع معرفة ، وليس الألف واللام فيه للتعريف لأنه ليس له ما يشركه وهو يائي (جِئْتَ بِالْحَقِ) أي بحقيقة وصف البقرة أو ما بقي إشكال في أمرها فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف (فَذَبَحُوها) والذبح هو قطع أعلى العنق وهو المستحب في الغنم والبقر. والنحر هو قطع اللبة أسفل العنق وهو المستحب في الإبل. والمرعي في الحالتين قطع الحلقوم والمريء لكن عنق الإبل طويل ، فإذا قطع أعلاه تباطأ الزهوق. ولا يكره الذبح في الإبل والنحر في البقر والغنم وإن كان خلاف المستحب (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) استبطاء لهم ، وأنهم لكثرة استكشافهم ما كاد ينقطع خيط أشباههم. وقيل : وما كادوا يذبحونها لغلاء ثمنها. وقيل : لخوف الفضيحة في ظهور القاتل. وقد يستدل بهذا على أن الأمر للوجوب بل للفور وإلا لما ترتب هذا الذم على تثاقلهم (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) خوطبت الجماعة لوجود القتل فيهم (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) فاختلفتم واختصمتم في شأنها لأن المتخاصمين يدرأ بعضهم بعضا أي يدفعه ويزحمه ، أو ينفي كل واحد منكم القتل