قال عز من قائل (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [هود : ٨٢] وأما المفعول فإن كان صغيرا أو مجنونا أو مكروها فلا حد عليه ولا مهر لأن بضع الرجل لا يتقوّم ، وإن كان مكلفا طائعا فهو كالفاعل في الأقوال وإن أتى امرأة في دبرها ولا ملك ولا نكاح فالأظهر أنه لواط وحكمه ما مر ، وقيل زنا لأنه وطء أنثى فأشبه الوطء في القبل ، وإذا لاط بعبده فهو كالأجنبي على الأصح. ولو أتى امرأته أو جاريته في الدبر فالأصح القطع بمنع الحد لأنها محل استمتاعه وبالجملة جميع ذلك مما ذهب إليه الشافعي. وقال أبو حنيفة : إن اللائط لا يحدّ بل يعزر. حجة الشافعي خبر أبي موسى الأشعري فإنه يدل على اشتراك اللواط والزنا في الاسم والحقيقة لا أقل من اشتراكهما في اللوازم. وأيضا إنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من عمل عمل قوم لوط فأقتلوا الفاعل منهما والمفعول به» (١) وقال صلىاللهعليهوسلم «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير حق» (٢) وليس اللواط من قبيل الثاني والثالث فهو من الأول. وأيضا قاس اللواط على الزنا بجامع كون الطبع داعيا إليه فيناسب الزاجر. وفرق بأن الزنا أكثر وقوعا وكان الاحتياج فيه إلى الزاجر أشد ، وبأن الزنا يقتضي فساد الأنساب دون اللواط ، وألغى الفرق بوطء العجوز الشوهاء. حجة أبي حنيفة أنه وطء لا يتعلق به المهر فلا يتعلق به الحد وضعف بفقد الجامع قال : إنه لا يساوي الزنا في الحاجة إلى شرع الحد لأن اللواط لا يرغب فيه المفعول طبعا ، ولأنه ليس فيه إضاعة النسب. وأجيب بأن الإنسان حريص على ما منع ، فلو لم يشرع الحد شاع اللواط وأدى إلى إضاعة النسب بل إلى إفناء الأشخاص وانقطاع طريق التوالد والتناسل. وللشافعي في إتيان البهيمة أقوال : أحدها أنه كالزنا في أحكامه ، وثانيها القتل مطلقا لما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه» (٣) فقيل لابن عباس : ما شأن البهيمة؟ قال : لأنه كره أن يؤكل لحمها. وأصحها وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد والثوري أن عليه التعزير لأنه غير مشتهي طبعا. والحديث ضعيف
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب الحدود باب ٢٨. الترمذي في كتاب الحدود باب ٢٤. ابن ماجة في كتاب الحدود باب ١٢. أحمد في مسنده (١ / ٢٦٩).
(٢) رواه البخاري في كتاب الديات باب ٦. مسلم في كتاب القسامة حديث ٢٥ ، ٢٦ أبو داود في كتاب الحدود باب ١. الترمذي في كتاب الحدود باب ١٥. النسائي في كتاب التحريم باب ٥ ، ١١. الدارمي في كتاب السير باب ١١. أحمد في مسنده ١ / ٦١ ، ٦٣).
(٣) رواه الترمذي في كتاب الحدود باب ٢٣ ، ٢٤. أبو داود في كتاب الحدود باب ١٠٨. ابن ماجة في كتاب الحدود باب ١٣. أحمد في مسنده (١ / ٢١٧ ، ٢٦٩).