سماء ، ثم ينزل الكروبيون وحملة العرش ، ثم ينزل الرب تعالى. قال العلماء : هذا نزول الحكم والقضاء لا نزول الذات. وأما نزول الملائكة مع كثرتهم وصغر حجم الأرض بالقياس إلى السماء فقالوا : لا يبعد أن يوسع الله الأرض عرضا وطولا بحيث تسع كل هؤلاء. ومن المفسرين من قال : الملائكة يكونون في الغمام وهو سترة بين السماء والأرض ، والله تعالى فوق أهل القيامة. وروى الضحاك عن ابن عباس قال : تتشقق كل سماء وينزل سكانها فيحيطون بالعالم ويصيرون سبع صفوف حول العالم. والظاهر أن اللام في الغمام للجنس. ومنهم من قال : هي للعهد والمعهود قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) وقيل : هو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة كما كان لبني إسرائيل في التيه.
ومعنى (تَنْزِيلاً) توكيد للنزول ودلالة على إسراعهم فيه. قال الزجاج (الْحَقُ) صفة الملك أي الملك الثابت الذي لا يزول (لِلرَّحْمنِ) يومئذ ونظيره (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : ٤] ويجوز أن يكون يومئذ تكريرا لقوله (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ) وإعرابهما واحد. والفائدة في تخصيص ذلك اليوم أن يعلم أنه لا مالك فيه سواه لا بالصورة ولا في الحقيقة فيخضع له الملوك وتعنو له الوجوه وتذل رقاب الجبابرة. قالت الأشاعرة : هاهنا لو وجب على الله يومئذ الثواب لاستحق الذم بتركه وكان خائفا أن لا يفعل فلم يكن له الملك على الإطلاق. وأيضا لو كان العبد مالكا للثواب لم يكن الله تعالى مالكا مطلقا بل يكون عبدا ضعيفا لا يقدر على أن لا يؤدي ما عليه من العوض ، أو فقيرا محتاجا إلى أن يدفع الذم عن نفسه بأداء ما عليه؟ وكان ذلك اليوم يوما عسيرا على الكافرين لا على المؤمنين. واللام في (الظَّالِمُ) ظاهر الاستغراق والشمول أو للجنس. وعن ابن عباس أنه للعهد وذلك أن الآية نزلت في عقبة بن أبي معيط وكان يكثر مجالسة الرسول صلىاللهعليهوسلم فاتخذ ضيافة ودعا إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأبى أن يأكل من طعامه حتى يأتي بالشهادتين ففعل ، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال : صبأت يا عقبة؟ قال : لا ولكن أبى أن يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له ، والشهادة ليست في نفسي. فقال : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا فلم تطأ قفاه ولم تبزق في وجهه. فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فقتل يوم بدر أمر عليا رضياللهعنه بقتله. وفي روايات الشيعة أن الظالم هو رجل بعينه وأن المسلمين غيروا اسمه وكتموه وجعلوا فلانا بدلا من اسمه وذكروا فاضلين من الصحابة وفيه بعد ، لأن تغيير القرآن كفر.