الأرض أو الماء فلا بد من الاستواء وإلا فلا بد من قادر مختار يخص كل واحد من الماءين بصفة مخصوصة. الاستدلال الخامس : من أحوال خلقة الإنسان والماء إما العنصر كقوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) أو النطفة. ومعنى (فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أنه قسم البشر قسمين ذوي نسب وذوات صهر ، والأول الذكور الذين ينسب إليهم فيقال : فلان وفلانة بنت فلان ومنه أخذ الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
والثاني الإناث التي يصاهر بهن ونحوه قوله عز من قائل (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [القيامة : ٣٩] والأصهار أهل بيت المرأة عن الخليل. قال : ومن العرب من يجعل الصهر من الأحماء والأختان. يقال : صاهرت إليهم إذا تزوّجت فيهم. (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) حين خلق من ماء واحد صنفين مختلفين بل أشخاصا متباينة لا تكاد تنحصر.
ثم عاد إلى تهجين سيرة عبدة الأوثان فقال (وَيَعْبُدُونَ) الآية. يروى أنها نزلت في أبي جهل المراد بالكافر والأولى حمله على العموم. والظهير المظاهر أي المعاون أي هذا الجنس يظاهر الشيطان على ربه بالشرك والعداوة. والمظاهرة على الرب هي المظاهرة على رسوله أو على دينه ، ويجوز أن يكون الظهير جمعا كقوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] والمعنى أن بعض الكفرة مظاهر لبعض على إطفاء نور دين الله جل وعلا. وقال أبو مسلم : هو من قولهم «ظهر فلان بحاجتي». إذا نبذها وراء ظهره. والمراد أن الكافر وكفره هين على ربه غير ملتفت إليه. قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ) إلى قوله (سَبِيلاً) وجه تعلقه بما قبله أن الكفار يطلبون العون على الله وعلى رسوله ولا أجهل ممن استفرغ جهده في إيذاء من يبذل وسعه في إصلاح مهماته دينا ودنيا حتى يبشرهم على الطاعة وينذرهم على المعصية ولا يسألهم على ذلك أجرا إلا أن يشاؤا التقرب بالإنفاق في الجهاد وغيره فيتخذوا به سبيلا إلى رحمة ربهم ونيل ثوابه. ومعنى الاستثناء عن الأجر والتقدير إلا فعل من شاء هو معنى قولك لمن سعيت له في تحصيل مال ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ، فيكون في تسمية حفظ المال ثوابا. فائدتان : إحداهما قلع شبهة الطمع في شيء من الثواب ، والثانية إظهار الشفقة وأنه إن حفظ ماله رضي الساعي به كما يرضى المثاب بالثواب هذا ما قاله جار الله. وقال القاضي : معناه لا أسألكم أجرا لنفسي وأسألكم أن تطلبوا الأجر لأنفسكم باتخاذ السبيل إلى ربكم بالإيمان والطاعة. ولما بين أن الكفار متظاهرون على إيذائه وأمره أن لا يطلب منهم أجرا البتة أمره بأن يتوكل عليه في دفع