الموعود بوعد إذا ضرب له أجل يستكثر الأجل ويريد تعجيله ، والموعود بوعيد إذا ضرب له أجل يستقل المدة ويريد تأخيرها. ومعنى (يُؤْفَكُونَ) يصرفون عن الصدق والتحقيق أي هكذا كان أمرهم في الدنيا مبينا على الظن الكاذب وكانوا يصرون بمثله. ويحتمل أن يكونوا ناسين أو كاذبين. ومعنى في كتاب الله في اللوح المحفوظ أو في علمه وقضائه ، أو فيما كتب وأوجب. وفيه رد قول الكفار وإطلاع لهم على مصدوقية الحال. قال جار الله : في الحديث «ما بين فناء الدنيا إلى وقت البعث أربعون» قالوا : لا نعلم أهي أربعون سنة أو أربعون ألف سنة. وذلك وقت يفنون فيه وينقطع عذابهم. والفاء في قوله (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) جواب شرط يدل عليه الكلام كأنه قيل : إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث وبه تبين بطلان قولكم (وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أنه حق. ثم بين أن ذلك اليوم لا يقبل فيه عذر من أهل الشرك وسائر أنواع الظلم (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي لا يطلب منهم الرضا فلا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة وطاعة ، وقد مر في «النحل». ثم بين أن القرآن مشحون بقصص وأخبار كلها كالمثل في غرابتها وحسن مواقعها ، وأن الرسول مهما جاءهم بدليل أنكروه لأن الذي اجترأ على العناد في دليل واحد ، الأغلب أن يتجرأ على أمثاله وهذا نتيجة الطبع والخذلان ، فلا علاج في مثل هذه القضية إلا بالصبر وتحمل أعباء الرسالة إلى إنجاز وعد الله بالنصرة وإعلاء الدين. ومعنى (لا يَسْتَخِفَّنَّكَ) لا يحملنك على الخفة والقلق قوم شاكون فأمثال هذه الأفعال والأقوال لا تستبعد من أهل الريب والضلال أمر أن لا يضجر ويشتغل بالدعاء إلى الحق حتى يأتي أوان النصر والظفر والله المستعان.