مسعود. وعن الحسن وقتادة والزهري : أمرها بيدها في ذلك المجلس وفي غيره. وإذا اختارت زوجها لم يقع شيء بالاتفاق لأن عائشة اختارت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يعد ذلك طلاقا. وعن علي رضياللهعنه مثله في رواية ، وفي أخرى أنه عد ذلك واحدة رجعية إذا اختارته ، وإذا اختارت نفسها فواحدة بائنة. وحين خيرهن النبي صلىاللهعليهوسلم واخترن الله ورسوله أدبهن الله وهدّدهن على الفاحشة التي هي أصعب على الزوج من كل ما تأتي به زوجته ، وأوعدهن بتخفيف العذاب لأن الزنا في نفسه قبيح ومن زوجة النبي أقبح ازدراء بمنصبه ، ولأنها تكون قد اختارت حينئذ غير النبي فلا يكون النبي عندها أولى من الغير ولا من نفسها ، وفيه إشارة إلى شرفهن فإن الحرة لشرفها كان عذابها ضعف عذاب الأمة. وأيضا نسبة النبي إلى غيره من الرجال نسبة السادة إلى العبيد لكونه أولى بهم من أنفسهم ، فكذلك زوجاته اللواتي هن أمهات المؤمنين.
وليس في قوله (مَنْ يَأْتِ) دلالة على أن الإتيان بالفاحشة منهن ممكن الوقوع فإن الله تعالى صان أزواج الأنبياء من الفاحشة ولكنه في قوة قوله (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥] (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) [البقرة : ١٢٠] وقوله (مِنْكُنَ) للبيان لا للتبعيض لدخول الكل تحت الإرادة. وقيل : الفاحشة أريد بها كل الكبائر. وقيل : هي عصيانهن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونشوزهن وطلبهن منه ما يشق عليه. وفي قوله (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) إشارة إلى أن كونهن نساء النبي لا يغني عنهن شيئا ، كيف وإنه سبب مضاعفة العذاب؟ وحين بين مضاعفة عقابهن ذكر زيادة ثوابهن في مقابلة ذلك. والقنوت الطاعة ، ووصف الرزق بالكرم لأن رزق الدنيا لا يأتي بنفسه في العادة وإنما هو مسخر للغير يمسكه ويرسله إلى الأغيار ، ورزق الآخرة بخلاف ذلك. ثم صرح بفضيلة نساء النبي بأنهن لسن كأحد من النساء كقولك : ليس فلان كآحاد الناس أي ليس فيه مجرد كونه إنسانا بل فيه وصف أخص يوجد فيه ولا يوجد في أكثرهم كالعلم أو العقل أو النسب أو الحسب. قال جار الله : أحد في الأصل بمعنى وحد وهو الواحد ، ثم وضع في النفي العام مستويا فيه المذكر والمؤنث. والواحد وما وراءه. والمعنى ، إذا استقريت أمة النساء جماعة جماعة لم توجد منهن من جماعة واحدة تساويكن في الفضل. وقوله (إِنِ اتَّقَيْتُنَ) احتمل أن يتعلق بما قبله وهو ظاهر ، واحتمل أن يتعلق بما بعده أي إن كنتن متقيات فلا تجبن بقولكن خاضعا لينا مثل كلام المريبات (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) أي ريبة وفجور. وحين منعهن من الفاحشة ومن مقدماتها ومما يجرّ إليها أشار إلى أن ذلك ليس أمرا بالإيذاء والتكبر على الناس بل القول المعروف عند الحاجة هو المأمور به لا غير. ثم أمرهن بلزوم بيوتهن بقوله (وَقَرْنَ)