وعن ابن عباس أن الشغل افتضاض الأبكار أو ضرب الأوتار. وقيل : التزاور. وقيل : ضيافة الله. وعن الكلبي : هم في شغل عن أهاليهم من أهل النار لا يهمهم أمرهم لئلا يدخل عليهم تنغيص من تنعمهم. والفاكه والفكه المتنعم المتلذذ ومنه الفاكهة لأنها تؤكل للتلذذ لا للتغذي والفكاهة الحديث لأجل التلذذ لا للضرورة. والأزواج ظاهرها زوج المرأة وزوجة الرجل. وقيل : أراد أشكالهم في الأحساب وأمثالهم في الإيمان كقوله (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [ص : ٥٨] قال أهل العرفان : من شرائط السماع الزمان والمكان والإخوان فقوله (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ) إشارة إلى عدم الوجوه الموحشة وأن لهم في ظل الله ما يمنع الإيذاء كقوله (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [الدهر : ١٣] وقوله (عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) دليل على القوّة والفراغة والتمكن من أنواع الملاذ. وقوله (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) إشارة إلى سائر أنواع الملاذ الزائدة على قدر الضرورة.
وقوله (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) إشارة إلى دفع جميع حوائجهم وما يخطر ببالهم. قال الزجاج : هو افتعل من الدعاء أي ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم. وقال جار الله : هو للاتخاذ أي ما يدعون به أو ما يدعون به أو ما يدعون لأنفسهم كقولك : يشتوي. أي اتخذ لنفسه شواء. أو هو بمعنى التداعي. وعلى الوجهين إما أن يراد كل ما يدعو به الله أحد أو كل ما يطلبه من صاحبه فإنه يجاب له بذلك ، أو يراد أن كل ما يصح أن يدعى به ويطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب. وقيل : معناه يتمنون من قولهم : ادّع عليّ ما شئت أي تمنه عليّ. وقيل : هو من الدعوى وذلك أنهم كانوا يدّعون في الدنيا أن الله هو مولاهم وأن الكافرين لا مولى لهم بينه قوله (سَلامٌ) يقال لهم (قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي من جهته بواسطة الملائكة. وقيل : أراد لهم ما يدّعون سالم خالص لا شوب فيه. و (قَوْلاً) أي عدة وعلى هذا يكون قوله (لَهُمْ) للبيان و (ما يَدَّعُونَ سَلامٌ) مبتدأ وخبر كقولك : لزيد الشرف متوفر. وقال بعضهم : يحتمل أن يكون (قَوْلاً) نصبا على التمييز لأن السلام من الملك قد يكون قولا وقد يكون إشارة. وقال أهل البيان قوله (وَامْتازُوا) معطوف على المعنى كأنه قيل : دوموا أيها المؤمنون في النعيم وامتازوا اليوم أيها المجرمون. أو قلنا لأهل الجنة : إنكم في شغل وقلنا لأهل النار : امتازوا وهو كقوله (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى : ٧] أو تميزوا في أنفسكم غيظا وحنقا فلا دواء لألمكم ولا شفاء لسقمكم كقوله في صفة جهنم (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) [الملك : ٨] أو افترقوا خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بالإخوان فلا عذاب كفرقة الأخدان يؤيده ما روي عن الضحاك : لكل كافر بيت من النار يكون فيه لا يرى ولا يرى. وعن قتادة : أراد اعتزلوا عن كل خير ترجون ، أو امتازوا عن