فائدتها عليهم كما قال «خلقتكم لتربحوا عليّ لا لأربح عليكم» قوله (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) أي كل أموالكم ولكنه يقتصر منها على ربع العشر ، أو لا يسألكم أموالكم لنفسه ولكن لتكون زادا لكم في المعاد. وقيل: لا يسألكم أموالكم رسولي لنفسه. وقيل: إنهم لا يملكون شيئا وإن المال مال الله وهو المنعم بإعطائه. والقول هو الأوّل لقوله (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ) أي يجهد كم يبلغ الغاية فيها من أحفى شاربه استأصله كأنه جعله حافيا مما في ملكه أي عاريا (تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ) الإحفاء أو الله تعالى على طريق التسبب (أَضْغانَكُمْ) أي تضطغنون على الرسل وتظهرون كراهة هذا الدين. ثم بين أنه كيف يأمركم بإخراج كل المال وقد دعاكم إلى إنفاق البعض (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) و «ها» للتنبيه وكرر مع أولاء للتوكيد وأنتم أولاء جملة مستقلة أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون. ثم استأنف وصفهم كأنهم قالوا وما وصفنا فقيل (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) وهو الزكاة أو الغزو ، فمنكم ناس يبخلون به. وقيل: (هؤُلاءِ) موصول صلته (تُدْعَوْنَ) وهو مذهب الكوفيين وقد سلف في «البقرة» و «آل عمران». ثم قبح أمر البخل بقوله (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) أي وباله على نفسه أو عن داعى ربه. قال في الكشاف: يقال بخلت عليه وعنه. وفيه نظر لأن البخل عن النفس لا يصح بهذا التفسير. نعم لو قال عن ماله كان تفسيره مطابقا. ثم مدح نفسه بالغنى المطلق وبين بقوله (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) أنه لا يأمر بالإنفاق لحاجته ولكن لفقركم إلى الثواب. ثم هددهم بقوله (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) وهو معطوف على (وَإِنْ تُؤْمِنُوا) ومعنى (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) يخلق قوما سواكم راغبين فيما ترغبون عنه من الإيمان والتقوى كقوله (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) [فاطر: ١٦] ومعنى «ثم» التراخي في الرتبة أي لا يكونون أشباهكم في حال توليكم. وقيل: في جميع الأحوال. وعن الكلبي: شرط في الاستبدال توليهم لكنهم لم يتولوا فلم يستبدل قوما وهم العرب أهل اليمن أو العجم. قاله الحسن وعكرمة لما روي أو رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن ذلك وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال: هذا وقومه ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس والله تعالى أعلم.