تَطَؤُهُمْ) والمعرة «مفعلة» من العر العيب كالجرب ونحوه. وقوله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) متقدم في النية متعلق بـ (أَنْ تَطَؤُهُمْ) والفحوى أنه كان بمكة ناس من المسلمين فقال سبحانه: ولولا كراهة أن تهلكوا ناسا من المؤمنين فيما بين المشركين وأنتم غير عالمين بحالهم فتصيبكم بإهلاكهم تبعة في الدين لوجوب الدية والكفارة أو عيب بسوء قالة أهل الشرك ، إنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا ، أو أثم إذا جرى دينهم منكم بعض التقصير لما كف أيديكم عنهم. والكلام يدل على هذا الجواب وفي حذفه فخامة وذهاب للوهم كل مذهب ، ويعلم منه أنه يفعل بهم إذ ذاك ما لا يدخل تحت الوصف. وجوّزوا أن يكون (لَوْ تَزَيَّلُوا) كالتكرير لقوله (وَلَوْ لا رِجالٌ) لرجعهما إلى معنى واحد. والتنزيل التميز والتفرق ويكون (لَعَذَّبْنَا) هو الجواب. وقوله (لِيُدْخِلَ) تعليل لما دلت عليه الآية من كف الأيدي عن قريش صونا لأهل الإيمان المختلطين بهم كأنه قيل: كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله مؤمنيهم في حيز توفيق الخير والطاعة ، أو ليدخل في الإسلام من رغب فيه من المشركين. وحكى القفال أن اللام متصل بالمؤمنين والمؤمنات أي آمنوا لكذا. وقوله (إِذْ جَعَلَ) يجوز أن ينتصب بإضمار «اذكر» أو يكون ظرفا (لَعَذَّبْنَا) أو لـ (صَدُّوكُمْ) وفاعل (جَعَلَ) يجوز أن يكون (اللهُ) وقوله (فِي قُلُوبِهِمُ) بيان لمكان الجعل كما مر في قوله (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) [البقرة: ٩٣] ويجوز أن يكون (الَّذِينَ كَفَرُوا) ومفعولاه الحمية والظرف فيكون جعلهم في قلبهم بإزاء أنزل الله. والحمية في مقابلة السكينة ، والحمية الأنفة والاستكبار الذي كان عليها أهل الجاهلية ، ومن ذلك عدم إقرارهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم ومنه ما جرى في قصة الحديبية من إبائهم أن يكتب في كتاب العهد «بسم الله الرحمن الرحيم» وأن يكتب «محمد رسول الله» يقال: حميت أنفي حمية كأنها «فعلية» بمعنى «مفعول» من الحماية اسم أقيم مقام المصدر كالسكينة بمعنى السكون فأنزل الله على رسوله السكينة والوقار حتى أعطاهم ما أرادوا. وكلمة التقوى التسمية والتوحيد والاعتراف برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، اختارها الله للمؤمنين. ومعنى الإضافة إنها سبب التقوى وأساسها ، أو المراد كلمة أهل التقوى الذين يتقون بها غضب الله. (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) لأنهم خيار الأمم. وقيل: أراد وكانوا يعني أهل مكة أحق بهذه الكلمة لتقدّم إنذارهم إلا أن بعضهم سلبوا التوفيق. وحكى المبرد أن الذين كانوا قبلنا لم يكن لأحد أن يقول «لا إله إلا الله» في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع أن يقول أكثر من ذلك. وكان قائلها يمدّ بها صوته إلى أن ينقطع نفسه تبركا بذكر الله ، وقد جعل الله لهذه الأمة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) أي ندبهم إلى ذكرها ما استطاعوا. ثم قص رؤيا نبيه صلىاللهعليهوسلم بيانا لإعجازه فإن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.