إشارة إلى أن مجرد الإصغاء لا يفيد ما لم يكن المصغي حاضرا بفطنته وذهنه. وفي الآية ترتيب حسن لأنه إن كان ذا قلب ذكيّ يستخرج المعاني بتدبره وفكره فذاك وإلا فلا بد أن يكون مستمعا مصغيا إلى كلام المنذر ليحصل له التذكير. قال المفسرون: زعمت اليهود أن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام ، أوّلها الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش فردّ الله عليهم بقوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا) إلى قوله (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) أي إعياء. ثم سلى رسوله فأمره بالصبر على أذى الكفار. وفيه لطيفة وهي أن الله تعالى مع كمال قدرته واستغنائه صبر على أذى الجهلة الذين نسبوه إلى اللغوب والاحتياج إلى الاستراحة ، فكيف لا يصبر رسوله على إيذاء أمته؟ بل كيف لا يصبر أحدنا على أذى أمثالنا وخاصة إن كانوا مسلطين علينا؟ اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا وادفع عنا بقدرتك شر كل ذي شر وواغوثاه وواغوثاه وواغوثاه. وقد سبق نظير الآية في آخر «طه» ودلالتها على الصلوات الخمس ظاهرة (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) أعقاب الصلوات فإن السجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة ، والأظهر أنه الأدعية والأذكار المشتملة على تنزيه الله تعالى وتقديسه. وقيل: النوافل بعد المكتوبات. وعن ابن عباس: هي الوتر بعد العشاء. ومن قرأ بكسر الهمزة أراد انقضاء الصلاة وإتمامها وهو مصدر وقع موقع الظرف أي وقت انقضاء السجود كقولك «آتيك خفوق النجم». قال أهل النظم: إن النبي صلىاللهعليهوسلم له شغلان: أحدهما عبادة الله ، والثاني هداية الخلق. فإذا هداهم ولم يهتدوا قيل له: اصبر واقبل على شغلك الآخر وهو العبادة. ثم بين غاية التسبيح بقوله (وَاسْتَمِعْ) يعني اشتغل بتنزيه الله وانتظر المنادي كقوله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: ٩٩] ومفعول (اسْتَمِعْ) متروك أي كن مستمعا لما أخبرك به من أهوال القيامة ولا تكن مثل هؤلاء المعرضين. قال جار الله: وفي ترك المفعول وتقديم الأمر بالاستماع تعظيم لشأن المخبر به والمحدّث عنه كما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل: يا معاذ اسمع ما أقول لك ثم حدثه بعد ذلك. وانتصب يوم ينادي بما دل عليه ذلك يوم الخروج أي يوم ينادي المنادي يخرجون من القبور. والمنادي قيل الله كقوله (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) [القصص: ٣٢] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات: ٢٢] والأظهر أنه إسرافيل صاحب الصيحة ينفخ في الصور فينادي أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. وقيل: إسرافيل ينفخ وجبرائيل ينادي بالحشر. والمكان القريب صخرة بيت المقدس. يقال إنها أقرب إلى السماء باثني عشر ميلا. وقيل: من تحت أقدامهم. وقيل: من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة أيتها العظام البالية وهذا يؤيد القول بأن