الأجر. والهشيم الشجر اليابس المتهشم أي المتكسر والمحتظر الذي يعمل الحظيرة ، ووجه التشبيه أن ما يحتظر به ييبس بطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتكسر وأنهم صاروا موتى جاثمين ملقى بعضهم فوق بعض كالحطب الذي يكسر في الطرق والشوارع. ويحتمل أن يكون ذلك لبيان كونهم وقودا للجحيم كقوله (فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) والحاصب الريح التي ترميهم بالحجارة وقد مرّ في «العنكبوت». ولعل التذكير بتأويل العذاب. والسحر القطعة من الليل وهو السدس الآخر كما مر في «هود» و «الحجر». وصرف لأنه نكرة وإذا أردت سحر يومك لم تصرفه. والظاهر أن الاستثناء من الضمير في (عَلَيْهِمْ) لأنه أقرب ولأنه المقصود. وجوز أن يكون استثناء من فاعل كذبت وهو بعيد (نِعْمَةً) مفعول له أي إنعاما. وقوله (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) أكثر المفسرين على أنه إشارة إلى أنه تعالى يصون من عذاب الدنيا كل من شكر نعمة الله بالطاعة والإيمان. وقيل: إنه وعد بثواب الآخرة أي كما نجيناهم من عذاب الدنيا ننعم عليهم يوم الحساب بالثواب.
وحين أجمل قصتهم فصلها بعض التفصيل قائلا (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ) أي لوط (بَطْشَتَنا) شدة أخذنا بالعذاب (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) فتشاكوا بالإنذارات (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ) معناها قريب من المطالبة كما مر في «يوسف». والضمير للقوم باعتبار البعض لأن بعضهم راودوه وكان غيرهم راضين بذلك فكانوا جميعا على مذهب واحد. (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) مسخناها وجعلناها مع الوجه صفحة ملساء لا يرى لها شق. وإنما قال في «يس» (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) [الآية: ٦٦] بزيادة حرف الجر لأنه أراد به إطباق الجفنين على العين وهو أمر كثير الوقوع قريب الإمكان بخلاف ما وقع للمراودين من قوم لوط فإنه أنذر وأبعد والكل بالإضافة إلى قدرة الله تعالى واحد ، إلا أنه حين علق الطمس بالمشيئة ذكر ما هو أقرب إلى الوقوع كيلا يكون للمنكر مجال كثير. ونقل عن ابن عباس أن المراد بالطمس المنع عن الإدراك فما جعل على بصرهم شيئا غير أنهم دخلوا ولم يروا هناك شيئا. ولعل في هذا النقل خللا لأنه لا يناسب قوله عقيب ذكر الطمس (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) أي فقلت لهم على ألسنة الملائكة ذوقوا ألم عذابي وتبعة إنذاراتي. ثم حكى العذاب الذي عم الكل بقوله (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ) ولقائل أن يسأل: مع الفائدة في قوله (بُكْرَةً) مع قوله (صَبَّحَهُمْ) والجواب أن (صَبَّحَهُمْ) يشمل من أول الصبح إلى آخر الإسفار وأنه تعالى وعدهم أول الصبح كما قال (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) [هود: ٨١] فأراد بقوله (بُكْرَةً) تحقيق ذلك الوعد. ويمكن أن يقال: قد يذكر الوقت المبهم لبيان أن تعيين الوقت غير مقصود كما تقول: خرجنا في بعض الأوقات ولا فائدة فيه إلا قطع المسافة. فإنه ربما يقول السامع متى