خرجتم فيحتاج إلى أن تقول في وقت كذا أو في وقت من الأوقات. فإذا قال من أول الأمر في وقت من الأوقات أشار إلى أن غرضه بيان الخروج لا تعيين وقته وبمثله أجيب عن قوله (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) [الإسراء: ١] ويحتمل أن يقال: (صَبَّحَهُمْ) معناه قال لهم بكرة عموا صباحا وهو بطريق التهكم كقوله (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ) [آل عمران: ٢١] ويجوز أن يكون التصبيح بمعنى الإغاثة من قولهم «يا صباحاه» والعذاب المستقر الثابت الذي لا مدفع له أو الذي استقر عليهم ودام إلى الاستئصال الكلي أو إلى القيامة وما بعدها. قوله (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) يعني موسى وهارون وغيرهما وأنهما عرضا عليه ما أنذر به المرسلون وهو بمعنى الإنذارات (بِآياتِنا كُلِّها) هي الآيات التسع أو جميع معجزات الأنبياء عليهمالسلام لأن تكذيب البعض تكذيب الكل العزيز المقتدر الغالب الذي لا يعجزه شيء. ثم خاطب كفار أهل مكة بقوله (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) المكذبين وهو استفهام إنكار لأن الأقدمين كانوا أكثر عددا وقوة وبطشا (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) الكتب المتقدمة أن من كفر منكم كان آمنا من سخط الله فأمنتم بتلك البراءة كما أن البيداء وهو من في يده قانون أصل الخراج إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ) جمع مجتمع أمرنا (مُنْتَصِرٌ) منتقم عن أبي جهل أنه ضرب فرسه يوم بدر فتقدم في الصف فقال: نحن ننصر اليوم من محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه فنزلت (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) أي الأدبار. عن عكرمة: لما نزلت هذه الآية قال عمر: أي جمع يهزم؟ فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يثب في الدرع ويقول (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) عرف تأويلها (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى) من أنواع عذاب الدنيا أو أدهى الدواهي. والداهية اسم فاعل من دهاه أمر كذا إذا أصابه ويختص بأمر صعب كالحادثة والنازلة. (وَأَمَرُّ) من المرارة. وقيل: من المرور أي أدوم وأكثر مرورا. وقيل: من المرة الشدة. قوله (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) الآية. روى الواحدي في تفسيره بإسناده عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم في القدر فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله (خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) وعن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «مجوس هذه الأمة القدرية» وهو المجرمون الذين سماهم الله في قوله (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ) عن الحق في الدنيا (وَسُعُرٍ) وهو نيران في الآخرة أو في ضلال وجنون في الدنيا لا يهتدون ولا يعقلون. أو في ضلال وسعر في الآخرة لأنهم لا يجدون إلى مقصودهم وإلى الجنة سبيلا. والنيران ظاهر أنها في الآخرة ، وسقر علم لجهنم من سقرته النار وصقرته إذا لوحته ، والمشهور بناء على الحديث المذكور أن قوله (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ) متعلق بما قبله كأنه قال: إن مس النار جزاء من أنكر هذا المعنى وهو منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر. قال النحويون: النصب في مثل هذا الصور لازم لئلا يلتبس