بدليل صحة طلاقه. وأيضا إيجاب الكفارة للزجر عن هذا الفعل الذي هو منكر من القول وزور وهذا المعنى قائم في حق الذمي. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يصح ظهاره. واحتج أبو بكر الرازي لهما بأن قوله (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ) خطاب للمؤمنين. وأيضا من لوازم الظهار تصحيح وجوب الصوم على العائد العاجز عن الإعتاق وإيجاب الصوم على الذمي ممتنع لأنه مع الكفر باطل ، وبعد الإسلام غير لازم لأنه يجب ما قبله. وأجيب عن الأول بأن قوله (مِنْكُمْ) خطاب للحاضرين فلم قلتم: إنه يختص بالمؤمنين؟ على أن التخصيص بالذكر عندكم لا يدل على نفي ما عداه. وأيضا العام عندكم إذا أورد بعد الخاص كان ناسخا للخاص. وعن الثاني أن من لوازم الظهار أيضا أنه حين عجز عن الصوم اكتفي منه بالإطعام فهو هاهنا إن تحقق العجز وجب أن يكتفي فيه بالإطعام ، وإن لم يتحقق العجز زال السؤال. وأيضا الصوم بدل عن الإعتاق والبدل أضعف عن المبدل. ثم إن العبد عاجز عن الإعتاق مع أنه يصح ظهاره بالاتفاق فإذا كان فوات أقوى اللازمين لا يوجب منع الظهار ففوات الأضعف كيف يمنع؟ وقال القاضي حسين من أصحاب الشافعي في الجواب: نقول للذمي إن أردت الخلاص من التحريم فأسلم وصم قوله الإسلام يجب ما قبله. قلنا: إنه عام والتكفير خاص والخاص مقدّم على العام. الثانية قال مالك وأبو حنيفة والشافعي: لا يصح ظهار المرأة من زوجها وهو ظاهر ولو قال شهرا فقد قال أبو حنيفة والشافعي: بطل ظهاره بمضي المدة وكان قبل ذلك صحيحا لما روي أن سلمة بن صخر ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان ثم وطئها في المدة فأمره النبي صلىاللهعليهوسلم بتحرير رقبة. وأما بطلان ظهاره بعد المدة فلمقتضى اللفظ كما في الأيمان ، فإذا مضت المدة حل الوطء لارتفاع الظهار وبقيت الكفارة في ذمته. وقال مالك وابن أبي ليلى: هو مظاهر أبدا.
البحث الثالث في المظاهر عنها. ويصح الظهار عن الصغيرة والمجنونة والأمة المتزوّجة والذمية والرتقاء والحائض والنفساء ، ولا يصح عن الأجنبية سواء أطلق أو علق بالنكاح فقال «إذا نكحتك فأنت عليّ كظهر أمي». ويصح عن الرجعية ولا يصح عن الأمة وأم الولد عند أبي حنيفة والشافعي لأن قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) يتناول الحرائر دون الإماء كما في قوله (أَوْ نِسائِهِنَ) [النور: ٣١] بدليل أنه عطف عليه قوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) [النور: ٣١] وقال مالك والأوزاعي: يصح لأن قوله (مِنْ نِسائِهِمْ) يشمل ملك اليمين لغة. وفي الآية سؤال وهو أن المظاهر شبّه الزوجة بالأم ولم يقل إنها أم فكيف أنكر الله عليه بقوله (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) وحكم بأنه منكر وزور؟ والجواب أن قوله «أنت عليّ كظهر أمي» إن كان إخبارا فهو كذب لأن الزوجة حلال والأم حرام وتشبيه المحللة