القلب وانقطاع التعلق عما سوى الله وجعل الهموم هما واحدا وهو الافتقار بالكلية إلى الله. استدل بعض العلماء بقوله (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) على إمامة أبي بكر لأن هؤلاء المهاجرين كانوا يقولون له يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فلو لم تكن خلافته حقة لزم كذبهم وهو خلاف الآية. وقال في الكشاف: أراد صدقهم في إيمانهم وجهادهم. قوله (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) معطوف على المهاجرين وكذا قوله (وَالَّذِينَ جاؤُ) وذلك عند من يجعل الغنائم حلا للمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان أو التابعين لهم إلى يوم القيامة وعلى هذا يكون قوله (يُحِبُّونَ) و (يَقُولُونَ) حالين أي الغنائم لهم محبين قائلين. ومن جعل المراد بيان غنائم بني النضير وقف على (هُمُ الصَّادِقُونَ) و (الْمُفْلِحُونَ) وجعل الفعلين خبرين. وعلى هذا يكون الآيتان ثناء على الأنصار على الإيثار ، وللتابعين على الدعاء. قال مقاتل: أثنى على الأنصار حين طابت أنفسهم عن الفيء إذ جعل للمهاجرين دونهم. وهاهنا سؤالان أحدهما: أنه لا يقال تبوؤا الإيمان. الثاني بتقدير التسليم أن الأنصار ما تبوؤا الإيمان قبل المهاجرين. والجواب عن الأول أن المراد تبوؤا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله:
«علفتها تبنا وماء باردا»
أو هو مجاز من تمكنهم واستقامتهم على الإيمان كأنهم جعلوه مستقرا لهم كالمدينة أو هو مجاز بالنقصان. والمعنى تبوّؤا دار الهجرة ودار الإيمان فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه وحذف المضاف من الثاني ، أو سمى المدينة بالإيمان لأنها مكان ظهور الإيمان وهذا يؤل بالحقيقة إلى الوجه الذي تقدمه. وعن الثاني أن المراد من قبل هجرتهم أو هو من تمام تبوء الدار ، ولا شك أن الأنصار سبقوهم في ذلك وإن لم يسبقوهم في الإيمان (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً) أي حسدا وغيظا مما أوتى المهاجرون من الفيء وغيره. وإطلاق لفظ الحاجة على الحسد والغيظ والحزازة من إطلاق اسم اللازم على الملزوم لأن هذه الأشياء لا تنفك عن الحاجة. وقال جار الله: المحتاج إليه يسمى حاجة يعني أن نفوسهم لم تتبع ما أعطوا ولم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) أي خلة فهي من خصاص البيت أي فرجه ، وكل خرق في منخل أو باب أو سحاب أو برقع فهي خصاص الواحد خصاصة. ومفعول (يُؤْثِرُونَ) محذوف أي يؤثرونهم ويخصونهم بأموالهم ومنازلهم على أنفسهم. عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال للأنصار: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من دوركم وأموالكم وقسمت لكم من الفيء كما قسمت لهم ، وإن شئتم كان لهم القسم ولكم دياركم وأموالكم. فقالوا: لا بل نقسهم لهم من ديارنا وأموالنا ونؤثرهم بالقسمة ولا نشاركهم فيها فنزلت. والشح المنع الذاتي الذي تقتضيه الحالة النفسانية ولهذا أضيف إلى النفس ، والبخل المنع المطلق من غير اعتبار صيرورته غريزة