الخبر أن ما بين النفختين أربعون عاما. ويروى أنه تعالى يمطر الأرض في هذه الأربعين ويصير ذلك الماء عليها كالنطف فيكون سببا في الإحياء ولله تعالى أن يفعل ما يشاء. وقيل: الراجفة هي النفخة الأولى ، والرادفة هي قيام الساعة من قوله تعالى (عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) [النمل: ٧٢] وقيل: الراجفة الأرض والجبال من قوله (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) [المزمل: ١٤] والرادفة السماء والكواكب لأنها تنفطر وتنتثر على أثر ذلك. وقيل: الراجفة هي الأرض تتحرك وتتزلزل ، والرادفة زلزلة ثانية تتبع الأولى حتى تنقطع الأرض وتفنى. قال أبو مسلم بناء على تفسيره الذي روينا عنه إن كلا من الراجفة والرادفة هي خيل المشركين وأريد بهما طائفتان من المشركين حاربوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتبعت إحداهما الأخرى. والقلوب الواجفة أي القلقة ، والأبصار الخاشعة هي أبصار المنافقين وعلى الأقوال القلوب الموصوفة مبتدأ. وقوله (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) خبره وفي الكلام إضمار أي أصحابها خاشعة بدليل قوله (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) أي الحالة الأولى وهي الحياة وأصله من قولهم «رجع فلان في حافرته» أي طريقه التي جاء فيها ، جعل أثر قدميه حفرا فالطريق في الحقيقة محفورة إلا أنها سميت حافرة على الإسناد المجازي أو على وتيرة النسبة أي ذات حفر كما قلنا في «عيشة راضية» ونحوه (كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) كما يجيء.
ثم زادوا في الإنكار مع إشارة إلى وجه الإحالة قائلين (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) نردّ أو نبعث. يقال: نخر العظم فهو نخر وناخر مثل حذر وحاذر وهو الأجوف البالي الذي تمر فيه الريح فيسمع له نخر وهما لغتان فصيحتان ، لأن النخر وإن كان أبلغ في المعنى إلا أن الناخرة بالألف أشبه بأخواتها من رؤوس الآي. ثم أخبر أنهم قالوا على سبيل الاستهزاء (تِلْكَ) الكرة (إِذاً) أي إذا نحشر ونردّ ونرجع (كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) رجعة ذات خسران لأنا كذبنا بها. ثم أفحمهم بقوله (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ) أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله فما هي إلا صيحة (واحِدَةٌ) يقال: زجر البعير إذا صاح عليه وهي صيحة إسرافيل في النفخة الثانية. يروى أنه تعالى يحييهم في بطون الأرض فيسمعونها فيقومون. والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن ساكنها لا ينام خوف الهلاك ، أو لأن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة أي جارية. والأظهر أنها أرض الآخرة. وقيل: هي أرض الدنيا ثم ذكرهم بقصة موسى لأنه أبهر الأنبياء المتقدّمين معجزة وفيها تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم لأن فرعون كان أكثر جمعا وأشدّ قوة من كفار قريش. والوادي المقدّس المبارك المطهر ، وطوى اسم واد بالشأم عند الطور وقد مر في «طه». قوله (هَلْ لَكَ) الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف أي هل لك حاجة أو ميل أو التفات ونحو ذلك ، وهذه كلمة جامعة لمواجب