(يُكَذِّبُونَ) ه ز للآية والوصل أوجب لأن الواو للحال (يُوعُونَ) ه ز لفاء التعقيب (أَلِيمٍ) ه لا (مَمْنُونٍ) ه.
التفسير: عن علي رضياللهعنه أن السماء تنشق من المجرّة. ومعنى (أَذِنَتْ لِرَبِّها) استمعت له ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم «ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن» (١) والمراد أنها لم تمتنع عن قبول ما أريد بها من الانشقاق والانفطار فعل المأمور والمطواع الذي أصغى لحديث آمره (وَحُقَّتْ) بذلك لأن الممكن لا بدّ له أن يقع تحت قدرة الواجب لذاته. ومدّ الأرض تسوية جبالها وآكامها بحيث لا يبقى فيها عوج. عن ابن عباس: مدّت مدّ الأديم العكاظي لأن الأديم إذا مدّ زال ما فيه من الانثناء واستوى. وقيل: من مدّه بمعنى أمدّه أي زيد في سعتها أو بسطتها ليمكن وقوف الخلائق الأوّلين والآخرين عليها (وَأَلْقَتْ ما فِيها) أي رمت بما في جوفها من الكنوز والأموات (وَتَخَلَّتْ) أي خلت غاية الخلو كأنها تكلفت أقصى ما يمكنها من الفراغ. وقوله (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) ليس بمكرر لأن الأوّل في السماء وهذا في الأرض وحذف جواب «إذا» ليذهب الوهم كل مذهب ، أو اكتفاء بما مر في سورتي «التكوير» و «الانفطار». وقيل: في الكلام تقديم وتأخير. والمعنى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) إذا السماء انشقت ، والأقرب أن الإنسان للجنس بدليل التفصيل بعده. وقيل: هو رجل بعينه إما محمد صلىاللهعليهوسلم والمعنى إنك تكدح فى تبليغ رسالات الله فأبشر فإنك تلقى الله بهذا العمل ، وإما أمية بن خلف وإنه يجتهد في إيذاء النبي صلىاللهعليهوسلم قاله ابن عباس. والكدح جهد النفس في العمل حتى تأثرت من كدحت جلده إذا خدشته أي جاهد إلى وقت لقاء ربك وهو الموت وما بعده. وفيه أن الدنيا دار عناء وتعب ولا راحة ولا فرح فيها. والضمير في قوله (فَمُلاقِيهِ) للرب أي فملاق له البتة فهو كالتأكيد للمذكور ، ويجوز أن يكون للكدح أي لجزائه يؤيده التفصيل الذي بعده. عن عائشة أن الحساب اليسير هو أن يعرّف ذنوبه ثم يتجاوز عنه. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال «من يحاسب يعذب فقيل: يا رسول الله (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) قال: ذلكم العرض من نوقش في الحساب عذب» (٢) أقول (فَسَوْفَ) من الكريم إطماع فيمكن أن تكون الفائدة في إيراده أن يكون
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب التوحيد باب ٣٢ ، ٥٢. مسلم في كتاب المسافرين حديث ٢٣٢ ، ٢٣٣. أبو داود في كتاب الوتر باب ٢٠. الترمذي في كتاب ثواب القرآن باب ١٧. النسائي في كتاب الافتتاح باب ٨٣. الدارمي في كتاب الصلاة باب ١٧١. أحمد في مسنده (٢ / ٢٧١ ، ٢٨٥).
(٢) رواه البخاري في كتاب العلم باب ٣٥. مسلم في كتاب الجثّة حديث ٧٩ أبو داود في كتاب الجنائز باب ١. الترمذي في كتاب تفسير سور ، ٨٤ باب ٢. أحمد في مسنده (٦ / ٤٧ ، ٩١).