لأنها تلبس نفسها أولا بورد أو ورق ثم تظهر ثمرتها ، وشجرة التين كالمصطفى صلىاللهعليهوسلم كان يبدأ بغير ثم يبدأ بنفسه كما قال (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) [الحشر: ٩] وإنها تعود ثمرتها في العام مرة أخرى ، وإنها في المنام رجل خير وغنى فمن رآها نال خيرا وسعة ، ومن أكلها رزقه الله أولادا. ويروى أن آدم عليهالسلام تستر بورقها حين نزع عنه ثيابه فلما نزل وكان مستورا بورق التين استوحش فطاف الظباء حوله فاستأنس بها فأطعمها بعض ورق التين فرزقها الله الجمال والملاحة صورة ، والمسك وطيبه معنى ، وحين تفرقت الظباء ورأى غيرهن منها ما أعجبها جاءت من الغد على أثرهن فأطعمها من الورق فغير الله حالها إلى الجمال والملاحة دون طيب المسك ، وذلك أن الطائفة الأولى جاءت إلى آدم لا لأجل الطمع ، والطائفة الثانية جاءت للطمع سرا وإلى آدم ظاهرا ، فلا جرم غير ظاهرها دون باطنها. وأما الزيتون فإنه من الشجرة المباركة وهو فاكهة من وجه ودواء من وجه كما تقدم وصفه في سورة النّور. قال مريض لابن سيرين: رأيت في المنام كأنه قيل لي كل اللاءين تشفى فقال: كل الزيتون فإنه لا شرقية ولا غربية. وقيل: من أخذ ورق الزيتون في النوم استمسك بالعروة الوثقى. فهذه المصالح والمنافع هي التي جوزت الإقسام بهما. القول الثاني: إنه ليس المراد بهما هذه الثمرة ثم اختلفوا. فعن ابن عباس في رواية: هما جبلان في الأرض المقدسة يقال لهما طور تينا وطور زيتا لأنهما منبتا التين والزيتون. وهما منشأ عيسى ومبعثه ومبعث أكثر أنبياء بني إسرائيل ، كما أن طور سينين مبعث موسى ، والبلد الأمين مبعث محمد صلىاللهعليهوسلم. وقال ابن زيد: التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس. وقيل: التين مسجد الكهف ، والزيتون مسجد إيليا. وعن ابن عباس أيضا: التين مسجد نوح على الجودي ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، وعن كعب: أن التين دمشق ، والزيتون بيت المقدس. وعن شهر بن حوشب: التين الكوفة والزيتون الشام. وعن الربيع: هما جبلان من بين همذان وحلوان ، وأما طور سينين فالطور جبل موسى عليهالسلام وسينين الحسن بلغة الحبشة. وقال مجاهد: المبارك. وقال الكلبي ومقاتل: كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين وسينا بلغة النبط. قال الواحدي: الأولى أن يكون سينين اسما للمكان الذي فيه الطور سمي بذلك لحسنه أو لبركته ، ثم أضيف إليه الطور للبيان. لإضافته إليه وسميت مكة أمينا لأنه يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين وما يؤتمن عليه ، ويجوز أن يكون «فعيلا» بمعنى «مفعولا» لأنه مأمون الغوائل كما جعله آمنا لكونه ذا أمن أقول: من المعلوم أن الإقسام ينبغي في باب البلاغة أن يكون مناسبا وكذا القسم والمقسم عليه ، وكان الله سبحانه أقسم بالمراتب الأربع التي للنفس الإنسانية من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد إن الإنسان خلق في أحسن تقويم وهو كونه مستعدا